منذ تفجر الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس، والتوتر يتصاعد في المنطقة وسط مخاوف دولية من تفلته.
وقد أدت بعض هجمات الفصائل المسلحة لاسيما في العراق، خصوصا الهجوم على “البرج 22” في الأردن الذي أدى أواخر يناير الماضي، إلى مقتل 3 جنود أميركيين، إلى زيادة المخاوف في طهران.
فأوكلت مهمة تهدئة تلك الفصائل إلى قائد فيلق القدس بالحرس الثوري، اسماعيل قاآني من أجل تفادي توسع الصراع وتحول إلى مواجهة مباشرة مع أميركا.
إلا أن الرجل الذي خلف قاسم سليماني بعد اغتياله بغارة أميركية على مطار بغداد في يناير 2020، لا يتمتع بالقوة الكافية على ما يبدو لتنفيذ تلك المهمة.
فقد أمضى قاآني أسابيع عدة متنقلاً ومفاوضاً ومحاوراً الفصائل العراقية من أجل التأكد من أن هجماتها ضد القواعد الأميركية ستبقى مضبوطة، بحيث لا تشعل حرباً إقليمية أوسع، وفق ما كشف محلل غربي، ومسؤول أمني ومسؤول لبناني كبير ومستشار للحرس الثوري الإيراني، حسب صحيفة “وول ستريت جورنال”.
صعوبات جمة
غير أن مهمته هذه تواجهها صعوبات جمة.
وفي السياق، أوضح أراش عزيزي، المؤرخ في جامعة كليمسون، ومؤلف كتاب عن سليماني أن “القائد السابق لفيلق القدس بنى علاقة وثيقة على مر السنين مع الفصائل المسلحة الموالية لبلاده في المنطقة من سوريا إلى العراق ولبنان واليمن، وكان يحظى باحترام كبير بينها، إلا أن قاآني يفتقر إلى الكاريزما، فضلا عن أن تاريخ علاقته مع هذه الجماعات العراقية وغيرها ليست بنفس القوة… لذلك، يكافح ويواجه صعاباً كثيرة في إبقاء تلك الفصائل تحت السيطرة”.
كما أضاف أن “هدف طهران منذ السابع من أكتوبر هو إبقاء بقية الجبهات مشتعلة بشكل مضبوط لتوفير بعض الوقت لحماس للتنفس، لكن دون إشعال صراع أوسع لاسيما مع أميركا، بما لا يتناسب مع أهداف إيران الاستراتيجية في الوقت الحالي”.
بدوره، رأى تقية، الخبير في شؤون الحرس الثوري الإيراني في مجلس العلاقات الخارجية، وهو مركز أبحاث أميركي، أن تلك الفصائل لا تقبل التراجع في معظم الأحيان”، معتبرا أن شخصية قاآني وعلاقته بالميليشيات العراقية لا تساعد كثيراً.
السؤال الأهم
لذا يبقى السؤال الأهم الذي يطرح الآن هو ما إذا كانت تلك الميليشيات ستقتنع وتستمع، وتخفف من هجماتها.
وكانت الولايات المتحدة شنت ليل الجمعة الماضية غارات جوية، في العراق وسوريا شملت أكثر من 85 هدفا لميليشيات مرتبطة بالحرس الثوري في البلدين، وذلك ردا على الهجوم الذي وقع في الأردن الأسبوع الماضي، وغيره من الهجمات التي طالت قواعد عسكرية أميركية.
فمنذ منتصف أكتوبر الماضي، بعد أيام على اشتعال الحرب في غزة، تعرضت القواعد الأميركية في البلدين لأكثر من 165 هجوما بالصواريخ والطائرات المسيرة، ما أثار قلقاً دولياً من تفجر صراع أوسع في المنطقة.
يشار إلى أن قاآني ولد في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، إلا أنه لا يعرف الكثير عن سيرته الذاتية.
لا يجيد العربية
لاسيما أن الرجل الذي لا يجيد تحدث العربية، يعتبر “بيروقراطيًا” إلى حد ما، إذ أمضى معظم حياته المهنية في الإشراف على مصالح بلاده في أفغانستان.
وعلى عكس الشخصيات البارزة الأخرى في طهران، لا يبدو أنه لعب دورًا نشطًا في “ثورة الخميني” عام 1979، حيث انضم إلى الحرس الثوري، الذي تم تشكيله حينها للدفاع عن الحكم الجديد، بعد عام كامل، أي في 1980.
وأصبح صديقًا لسليماني في أوائل الثمانينيات على الجبهة الجنوبية خلال حرب إيران مع العراق
إلا أنه ارتقى في الرتبة خلال التسعينيات، عقب انتهاء الحرب الإيرانية العراقية. وعندما كان نائبًا لقائد القوات البرية للحرس الثوري، حول انتباهه نحو أفغانستان، حيث حارب مهربي المخدرات ودعم لاحقًا التحالف الشمالي المناهض لطالبان، والذي عمل مع الولايات المتحدة للإطاحة بتلك الحركة عام 2001.
ثم لعب لاحقا دوراً في سوريا إلى جانب سليماني، حيث ساعده في تجنيد مقاتلين أفغان للانضمام إلى صفوف الميليشيات.