سطر سعودي قصة إبداع حين استطاع أن يحول قطع الأشجار التالفة، والتي يشاهدها داخل مزرعة والده قبيل 8 سنوات في المدينة المنورة، إلى تحف فنية عصرية تحاكي التراث السعودي.
الفنان “أحمد الحربي” بدأ هوايته عام 2016 في عمل تحف فنية وبمعدات وأدوات بسيطة، لينتج شكل “الأبجاورة” وعلى الرغم من إعجاب عائلته وأصدقائه فيها ورغبتهم في اقتنائه إلا أنه لا يستطيع التفريط بها.
وبعد تجاربه الناجحة بين أوساط مجتمعه، اقترح عليه أحد أصدقائه لتقديم لأحد البرامج لدعم المشاريع الناشئة في المملكة وعندما عرض فكرة مشروعه في المرحلة المبدئية حصل له موقف مع أحد المقيمين للمشروع، وقال له “مشروع فاشل ما راح ينجح” أثر ذلك في نفسه لكن لم يستسلم لذلك.
ذلك الموقف جعل الحربي أكثر إصراراً على نجاح المشروع، حيث بدأ بأعماله من خلال منجرة في مزرعة والده، وأجرى تجارب كثيرة على الأخشاب محلية مثل الأثر والسدر ويجمعها من مزارع في المدينة المنورة، حيث ذاع صيته أنه يجمع الأخشاب من مزارع المنطقة حتى بدأ المزارعون في التواصل معه لتخلص من الأخشاب بدلاً من حرقها.
بعد تجارب مع الأخشاب استمرت سنتين، قرر “الحربي” البدء في أعماله وممارسة هوايته الهادفة إلى الاهتمام بالخشب الطبيعي والديكورات المصنوعة محليا بأيد سعودية متخصصة.
فنان وحرفي
وفي حديثه قال الحربي: “أنا لست نجاراً بالمعنى التقليدي، أنا ما بين فنان وحرفي مزجت من الخشب بالفن والتراث”.
وأضاف: قمت بإحياء شجرة الأثل التي كانت مهددة بالحرق في المزارع بدلاً من تدميرها، لأقوم بتحويلها إلى منتجات خشبية فريدة بلمسة عصرية، تتناسب مع أذواق الشباب والشابات.
ويرى الحربي أن أجداده كانوا لا يستخدمون إلا خشب الإثل، حيث كانت أبوابهم وأسقفهم وأثاثهم وأوانيهم وحتى أدوات السقيا للحيوانات كانت منها، فأحبب إرجاع مكانة هذا النوع من الخشب بطريقة عصرية ومبتكرة.
في عام 2022 لاحظ الحربي أن الحرفيين في المدينة عددهم قليل بشكل خاص والسعودية بشكل عام، فأراد تأسيس “ملتقى حرفة” مقره في المدينة المنورة لتأهيل لكل من لديه الرغبة في الدخول إلى هذا المجال لتعلم الحرفة اليدوية، حيث بدأ بتدريب أكثر 300 شخص من مختلف الأعمار وأصبح لديه حرفيون يتدربون لديه كل أسبوع.
إسهامات
بعد نجاحه، ظهرت رغبة الحربي، في نقل خبرته بالتشارك مع مؤسسات أخرى وعمل ورشة حرفية مع “نماء المنورة” وهي جهة غير ربحية تستهدف التنمية الاقتصادية ذات الأثر الاجتماعي، بالإضافة إلى مساهمتها في نشر ثقافة ريادة الأعمال بالمنطقة، كما شارك في برنامج التدريب المتخصص ضمن فئة “برنامج فن المشغولات الخشبية” بالعام الماضي بالتعاون مع بنك التنمية الاجتماعية، وكان السعودي الوحيد في هذا البرنامج كمدرب من ضمن مدربين عالميين من إنجلترا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا ومصر، وشعر بالمسؤولية عندها وأراد أن يظهر بأفضل صورة وتخريج متدربين على كفاءة عالية.
قصة أحمد الحربي مع الخشب تعود إلى عام 2000 ميلادي عندما كان في أولى ثانوي، حيث عملت مدرسته مسابقة لجائزة أفضل عمل فني، وفاز بها عندما قام بتقديم عمل منحوت من الخشب، وهنا بدا شغفه بهذه الهواية.