تمضي دبي نحو صياغة مستقبل التنقُّل المستدام بالتركيز على استشراف المستقبل وتبنّي المشاريع الاستراتيجية المستدامة الداعمة للاقتصاد، ومواكبة التوجهات العالمية والمستقبلية في مجالي النقل والطرق، ومضاعفة الجهود الرامية لتعزيز مكانة دبي الرائدة عالمياً في تقديم خدمات مبتكرة لكافة شرائح المجتمع، في إطار استراتيجيتها المستقبلية الطموحة تماشياً مع رؤية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة الإماراتية رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بترسيخ مكانة دبي كأفضل مدينة للعيش والعمل والسياحة في العالم.
في هذا الإطار، تعمل “هيئة الطرق والمواصلات في دبي” وفق خارطة طريق تستهدف تحقيق وسائل التنقُّل الجماعي انبعاثات كربونية صفرية بحلول العام 2050، وضمن هذه الخارطة المتكاملة تمضي دبي بخطى سريعة لتكون أول مدينة في العالم تقدم خدمات تاكسي جوي ذاتي القيادة في إطار النهج الاستباقي للإمارة لتطوير حلول التنقل المستدام بهدف الحد من الانبعاثات الكربونية عبر بنية تحتية متطورة تشمل إنشاء محطات عمودية مزودة بأحدث التقنيات والطرز الجديدة من الطائرات الكهربائية، فضلاً عن توفير التجهيزات اللازمة لشحن الطائرات وإدارة البيانات وكذلك التحكم في أنظمة الأمن والسلامة.
ومن المتوقع أن تشهد الدورة الـ 18 لمعرض دبي للطيران التي تعقد خلال الفترة من 13 إلى 17 نوفمبر الحالي في دبي وورلد سنترال (DWC)، تحت شعار “مستقبل قطاع الطيران”، إطلاق جناح جديد مخصص لقطاع حلول النقل الجوي ذاتي القيادة، حيث سيتاح لأبرز الجهات الفاعلة في القطاع على المستويين الإقليمي والعالمي استكشاف تقنيات الطيران المستدام المستقبلية التي سيكون لها تأثير بارز على قطاع السفر، حيث من المقرر أن يسلط المعرض الضوء على قطاع حلول النقل الجوي ذاتي القيادة لتكون جزءاً رئيسياً من جدول أعماله، ما يعزز مكانة دبي الرائدة في تطوير مستقبل النقل للأفراد والبضائع، وتطوير الحلول المبتكرة في مجالات حلول النقل الجوي ذاتي القيادة والنقل الجوي في المناطق الحضرية، إذ إن الوتيرة المتسارعة في تعزيز الابتكار والتقدم في الحلول المستقبلية لهذا القطاع تجعلها من أسرع الأسواق نمواً في مجال الطيران.
وسيحظى زوار المعرض بفرصة استكشاف مجموعة متنوعة من حلول النقل الجوي، والتي تشمل طائرات “الدرون” والطائرات بدون طيار والتنقل الجوي في المناطق الحضرية وطائرات الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائية، والتي ستكون حاضرة في الجناح الجديد المخصص لهذا القطاع في المعرض الذي سيتخلله أيضا مجموعة من العروض الحية لطائرات الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائية لاستعراض الإمكانات المستقبلية لهذا النوع من الطيران المستخدم في مجال التنقل الحضري.
وستتضمن فعاليات المعرض أيضاً مؤتمراً حول قطاع حلول النقل الجوي ذاتي القيادة بمشاركة مجموعة كبيرة من القادة والخبراء لتسليط الضوء على أحدث التقنيات التي سترتقي بتجربة السفر، إضافة إلى اللوائح التنظيمية والبنية التحتية اللازمة لدمج مفهوم حلول النقل الجوي ذاتي القيادة في حياتنا اليومية، وذلك في إطار سعى المعرض لتوفير منصة للاعبين الإقليميين والدوليين لاستكشاف التقنيات المستقبلية في قطاع حلول النقل الجوي المستدام والتي من شأنها أن تحدث ثورة في صناعة السفر الجوي.
ومن المخطط أن تبدأ مركبات التاكسي الجوي بالتحليق في سماء دبي في غضون ثلاث سنوات، مع اعتماد خطط تطوير محطات التاكسي الجوي كجزء من البنية التحتية لشبكة التنقل الجوي في دبي لتسهيل طريقة تنقل الأفراد عبر المناطق الحضرية بشكل آمن وسلس ومستدام.
وفي هذا الصدد، أعلنت الهيئة العامة للطيران المدني في دولة الإمارات ومركز محمد بن راشد للفضاء عن توقيع اتفاقية لإنشاء أول مركز متكامل لحلول النقل الجوي ذاتي القيادة في دبي، بهدف إطلاق أول عملية إصدار شهادة اعتماد لمطار عمودي في العالم كجزء من تطوير المشروع، ما من شأنه أن يساعد في تعزيز نمو القطاع على المستوى الدولي، ما يؤكد على مكانة دبي الرائدة في هذا المجال على المستوى العالمي.
وقال مطر الطاير، المدير العام ورئيس مجلس المديرين في هيئة الطرق والمواصلات ” عملاً بتوجيهات القيادة الرشيدة، بتعزيز التنقل المستدام والمبتكر في جميع وسائط النقل العام والتنقل المشترك، ومواكبة المتغيرات المتسارعة التي يعيشها العالم، والعمل على وضع الحلول المستقبلية للتحديات بكل أنواعها، فإن دبي تسعى من خلال إطلاق التاكسي الجوي إلى تقديم خدمة تنقل مستدام جديدة، باستخدام تكنولوجيا رائدة ومبتكرة تُسَهّل نقل الأفراد في المناطق الحضرية بشكل آمن وانسيابي ومستدام ومتكامل مع شبكة المواصلات العامة في دبي بما يتماشى مع مستهدفات أجندة دبي الاقتصادية D33 بترسيخ موقع دبي ضمن أفض 3 مدن عالمية، وتعزيز ريادة دبي العالمية في مجال التنقل ذاتي القيادة، من خلال تشغيل أنماط مختلفة من المركبات ذاتية القيادة، والتاكسي الجوي، ووسائل النقل البحرية، بهدف تحقيق استراتيجية دبي للتنقل الذكي ذاتي القيادة، الرامية لتحويل 25% من إجمالي رحلات التنقل في دبي إلى رحلات ذاتية القيادة عبر وسائل المواصلات المختلفة بحلول عام 2030″
وأضاف الطاير: “سيأتي توفير خدمة التاكسي الجوي على مرحلتين أساسيتين، الأولى، اختيار التقنيات المطلوبة وفق أرقى المعايير العالمية، والشريك التقني المناسب من خلال المقارنة بين أفضل الشركات من حيث التقنيات المستخدمة في هذا النوع من حلول النقل المستدام فائق التطوّر، والخطة الزمنية لاعتماده ولتنفيذه، وتشمل أربعة محاور رئيسة هي: التفاوض التفصيلي مع العديد من الشركات والمؤسسات العاملة في هذا المجال، وتوقيع الاتفاقيات التجارية، وإنشاء شركات محلية لممارسة الأعمال المطلوبة بهذا الخصوص، وتطوير البنية التحتية والإطلاق الفعلي للخدمة، فيما تتضمن المرحلة الثانية اختيار الشريك للاستثمار في البنية التحتية الضرورية لإطلاق عمليات تشغيل التاكسي الجوي في دبي، حيث يجري حالياً، التفاوض التجاري مع أفضل المستثمرين المتخصصين على المستوى العالمي لتطوير البنية التحتية الضرورية في مجال التنقل الجوي”.
وأوضح قائلاً: “تكفل إمارة دبي كافة الإمكانات لإنجاح خدمة التاكسي الجوي، وذلك بفضل توفر البنية التحتية اللازمة لهذا التطور حيث تتوفر مهابط عمودية، لهذا الغرض في مطار دبي الدولي، ونخلة جميرا، ودبي مارينا، وداون تاون، والتي ستكون من أحدث شبكات الإقلاع والهبوط العمودي، إضافة إلى التنسيق الحكومي والتشريعات والقوانين المرنة المنظمة، ووجود الطلب القوي على الخدمة”.
وتشير التوقعات إلى أن الأعوام القليلة المقبلة ستشهد تحوّلا كبيراً في قطاع حلول النقل الجوي ذاتي القيادة، إذ إن الأساليب الجديدة والمبتكرة في مجال النقل الجوي تساهم في تطوير مستقبل القطاع بوتيرة متسارعة. ومن المتوقع أن تبلغ القيمة السوقية العالمية للقطاع 16.81 مليار دولار في عام 2025، وأن تصل إلى 110.02 مليار دولار في عام 2035، لتسجل معدل نمو سنوي مركب بنسبة 21.7%. ويرافق هذا النمو المطرد تطوير مجموعة كبيرة من الحلول المبتكرة للشحن والسفر جواً، إلى جانب تطوير مجموعة من اللوائح التنظيمية والموارد والبنية التحتية.
وتتميّز مركبات التاكسي الجوي بإمكانية الإقلاع والهبوط العمودي، وهي مركبات مستدامة صديقة للبيئة، تعمل بالطاقة الكهربائية، ولا تتسبب بأية انبعاثات بيئية، كما تمتاز بالأمان والراحة والسرعة، وروعي في تصنيعها الاستعانة بأحدث ما توصلت إليه التقنيات الحديثة في هذا المجال على مستوى العالم، ويصل مداها إلى 241.4 كيلومتر كحد أقصى، وسرعتها القصوى تبلغ 300 كيلو متر في الساعة، وطاقتها الاستيعابية تتسع لأربعة ركاب إضافة إلى قائد التاكسي الجوي. ومن المتوقع أن يسهم مشروع “التاكسي الجوي” في انخفاض زمن الرحلة من مطار دبي الدولي إلى نخلة جميرا من 46 دقيقة إلى ست دقائق، فضلاً عن أنه يقلل من الازدحام على الطرق، فيما يسهم المشروع في تحقيق صفر انبعاثات كربونية ومواجهة التحديات البيئية.
ويعد نشر مركبات التاكسي الجوي جزءاً من أجندة دبي لتبني أحدث الابتكارات في مجال حلول النقل المستدام، عبر سلسلة من المشاريع ذات الطابع المستقبلي بأرقى المواصفات العالمية والمراعية في الوقت ذاته للبعد البيئي الذي يشكل أولوية مهمة تعزيزاً لريادة دبي كنموذج تنموي يرتكز على فكر متطور يضع راحة الناس وسعادتهم وسلامة البيئة والحفاظ عليها في مقدمة الأولويات.