فيما تتواصل الحرب في قطاع غزة، تعرّض أحد آخر مخازن القمح لأضرار كبيرة جراء القصف الإسرائيلي، فيما يصعب أكثر فأكثر الحصول على الخبز، وهو غذاء أساسي للسكان.
في اليوم الثالث والأربعين توقّفت مطاحن خان يونس في جنوب القطاع عن العمل.
ومن أصل خمس مطاحن في القطاع المحاصر، أصيبت اثنتان على الأقل في القصف الإسرائيلي الذي لم يتوقف على القطاع منذ اندلاع الحرب وأودى بحياة 12 ألف شخص بينهم نحو 5000 من الأطفال، بحسب وزارة الصحة في غزة.
وتعتبر مطاحن خان يونس أكبر مخازن للدقيق في قطاع غزة، إذ تحتوي على ثلاثة آلاف طن من القمح. إلا أن أضرارا كبيرة لحقت بالطابق العلوي للمخازن ولم يعد لديها ما يكفي من الوقود لتشغيلها.
وقال رئيس جمعية أصحاب المخابز في قطاع غزة عبد الناصر العجرمي لوكالة “فرانس برس”: “إذا لم يتمكن الصليب الأحمر من الحصول على موافقة إسرائيلية لإصلاح المصنع لن نستمر بالعمل”.
وأصيب الطابق العلوي من المخازن بضربة إسرائيلية ليل الأربعاء الخميس.
وعشية ذلك، أصيبت مطاحن السلام في دير البلح في وسط قطاع غزة بضربة أخرى دمرتها، بحسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة “أوتشا”.
توترات في السوق
وتقول الأمم المتحدة إن سكان قطاع غزة البالغ عددهم نحو 2.4 مليون نسمة يواجهون “احتمالا مباشرا للموت جوعا”.
وتفرض إسرائيل منذ التاسع من أكتوبر “حصارا مطبقا” على قطاع غزة، وقطعت عنه الماء والكهرباء وإمدادات الوقود والمواد الغذائية.
وباتت أيضا الاتصالات مقطوعة بسبب نفاد الوقود. والمواد الغذائية متوافرة بكميات قليلة جدا ونفدت مخزونات الأدوية تقريبا، ولم يدخل إلى القطاع إلا 1139 شاحنة مساعدات محمّلة بمواد غذائية خصوصا.
ورأى برنامج الأغذية العالمي أن ذلك “لا يغطي إلا 7% من الحدّ الأدنى اليومي لحاجات السكان من السعرات الحرارية”.
وباتت أكياس الدقيق الكبيرة القليلة تباع بأسعار مرتفعة جدا تصل إلى 180 دولارا للكيس.
ولا تزال وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” تملك ألفي طن من القمح، ما يمثل برأيها 370 طنا من الدقيق أي هناك خمسة إلى ستة أيام قبل نفاد المخزونات بالكامل.
وأوضحت الأونروا أنها تعمل مع أكثر من 80 مخبزا في قطاع غزة.
وباتت كل مخابز شمال قطاع غزة خارج الخدمة ويعمل 63 مخبزا في وسط القطاع وجنوبه بشكل جزئي أحيانا بسبب أزمة الوقود والغاز.
وتوقف أكبر مخبز في مدينة غزة الثلاثاء عندما أتى القصف الإسرائيلي على ألواحه لتوليد الطاقة الشمسية. وقد تدفق السكان الجياع لأخذ مخزوناته من الدقيق.
ضار للصحة
ومنذ بدء الحرب، تتشكّل طوابير طويلة أمام المخابز منذ الفجر من دون ضمانة للحصول على كمية خبز كافية للعائلة برمتها.
وقالت “أوتشا” إنه خلال فترة الانتظار التي تصل بمعدل وسطي إلى خمس ساعات، يكون الواقفون في الطوابير في انتظار الحصول على الخبز عرضة “للضربات الإسرائيلية”.
ونقلت منظمة “ميرسي كوربس” الأميركية غير الحكومية أن فرقها في غزة اضطرت أحيانا لدفع مبلغ 30 دولارا للحصول على خمسة أرغفة من الخبز.
وفي كل محلات المواد الغذائية غالبا ما تكون الرفوف فارغة مع لافتات تفيد بعدم وجود خبز أو خميرة.
وتوزّع الأونروا وبرنامج الأغذية العالمي الخبز الذي ينتج في المخابز الشريكة لهما مباشرة على 154 ملجأ تستضيف 813 ألف نازح. لكن “الأونروا” تحذر بانتظام من أن الوقود نفد في غالبية الشاحنات التي تنقل الخبز. وانكب السكان في مناطق مختلفة على إعداد الخبز بأنفسهم.
وفي جنوب القطاع الذي لجأ إليه عدد كبير من 1.65 مليون نازح، يمكن رؤية مواقد نار أمام المنازل أو الخيم يعد عليها الخبز. لكن “أوتشا” أعربت عن قلقها من أن الدقيق والمياه والملح باتت مفقودة في الكثير من مناطق القطاع.
وأكدت أن سكان غزة باتوا مرغمين على “إلغاء وجبات طعام أو تقليصها” أو “اللجوء إلى طرق طهو مضرة بالصحة”. وأوضحت أن البعض يقتات فقط على “البصل والباذنجان النيء”.