على الرغم من أن قرار الأردن بعدم توقيع اتفاقية “الماء مقابل الكهرباء” مع الجانب الإسرائيلي، قد لاقى تأييدا واسعا من قبل الشارع الأردني، في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، فإن الخطوة الرسمية فتحت الباب واسعا للسؤال عن البدائل، في ظل حاجة المملكة الماسة من المياه دون اللجوء إلى التعاون مع الاحتلال.
وفي اليوم التالي لإعلان الحكومة قرارها وقف التوقيع على اتفاقية الماء مقابل الكهرباء مع تل أبيب، حث الملك عبد الله الثاني الحكومة، في اجتماع مع رئيسها وعدد من الوزراء، على المضي قدما في مشروع “الناقل الوطني”، والذي يهدف إلى تحلية ونقل المياه من محافظة العقبة (جنوبا) إلى العاصمة عمان (وسط)، واعتبره “أولوية وطنية”.
وعن هذا المشروع، يقول الناطق باسم وزارة المياه والري عمر سلامة إن الأردن يسير بخطى ثابتة لتنفيذ مشاريع إستراتيجية للمياه والاستفادة منها، كخط مياه الديسي، الذي يسعى لسد العجز في المياه نتيجة زيادة أعداد السكان، ولا سيما مع وجود اللاجئين السوريين في المملكة.
وقال سلامة للجزيرة نت “توجيهات الملك واضحة للحكومة، نعمل على تطوير مشروع الناقل الوطني الذي يضمن تحلية المياه في مدينة العقبة، ونقلها إلى معظم المحافظات عبر خط ناقل بطول 450 كيلومترا، لتلبية احتياجات المحافظات من المياه، بالإضافة إلى قيامنا بتوسيع السدود لتستوعب كميات أكبر من مياه الأمطار”.
ويهدف “الناقل الوطني” إلى تحلية مياه البحر الأحمر لتوفير نحو 300 مليون متر مكعب من المياه العذبة إلى العاصمة عمّان والمحافظات المستهدفة ضمن المشروع سنويا. في حين يعوّل على المشروع بأن يسهم في التخفيف من أزمة المياه التي يعاني منها الأردن والمصنف ضمن أفقر الدول مائيا في العالم.
من جانبه، قال عضو لجنة الطاقة والمياه في البرلمان الأردني المهندس موسى هنطش إن التعامل مع “كيان” الاحتلال “غير مقبول”، من حيث المبدأ، وبأي صورة كانت.
وأضاف المهندس -في حديثه للجزيرة نت- أن “خيار شراء المياه من العدو الصهيوني ليس الحل الوحيد للأزمة في الأردن”، وأن “المشكلة ليست بكميات المياه بل بإدارتها”.
وبين هنطش أنه سبقت الموافقة على مد خط ثان من مياه “الديسي”، بالإضافة إلى تمويل من دولة قطر لتحلية مياه الأغوار وضخها لمحافظات الشمال، جرش وعجلون وإربد، لسد العجز بمقدار 60 مليون متر مكعب، لكن هذا المشروع لم يرَ النور.
دمج في الإقليم
وفي الحديث عن البدائل بعد إلغاء اتفاق الماء مقابل الكهرباء، يؤكد خبير المياه سفيان التل أن الأردن لديه كثير من البدائل المائية، وليس بحاجة إلى قطرة ماء واحدة من الاحتلال، أو من غيره، مشيرا إلى أن التوقيع على اتفاقية الماء مقابل الكهرباء “خطوة سياسية تهدف لدمج العدو في المنطقة والإقليم”.
ويلفت -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن “إحصاءات وزارة المياه تؤكد أن الأردن يستقبل 8 مليارات متر مكعب سنويا من الأمطار، التي تحتاج إلى مصائد مائية حتى يصل المواطن منها 800 متر مكعب في العام”.
أما بخصوص الآبار الجوفية، فيؤكد “التل” أن لدى الأردن 15 حوضا مائيا معظمها متجددة باستثناء “الديسي”، في حين أن البديل الثالث بالنسبة له، هو أنفاق قديمة طويلة بعضها يأتي بالمياه من جبل الشيخ والجولان، ولكن هذه الأنفاق مهملة، ناهيك عن نهر اليرموك والأردن وسيل الزرقاء.
ووقّع الأردن وإسرائيل والإمارات خلال أعمال مؤتمر المناخ “كوب 27” بمدينة شرم الشيخ المصرية، عام 2021 مذكرة تفاهم تنص على “تسريع إنجاز دراسات الجدوى” المتعلقة بمشروع “الماء مقابل الكهرباء”.
يعتمد مشروع تبادل الطاقة “الماء مقابل الكهرباء” على إنشاء محطة توليد الكهرباء من الألواح الشمسية في الأردن بتمويل من الإمارات، بهدف تلبية جزء من احتياجات إسرائيل من الكهرباء.
ويشمل المشروع أيضا إنشاء محطات لتحلية مياه البحر في شمال إسرائيل لتزويد المملكة بالمياه النقية، ووفقا لإعلان النوايا، ستحصل عمان على 200 مليون متر مكعب من المياه المحلاة، بينما ستحصل إسرائيل على 600 ميغاوات من الطاقة الشمسية، على أن يبدأ المشروع في عام 2026.
وكان وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، قد أعلن قبل أيام وقف التوقيع على اتفاقية “الطاقة مقابل المياه” في ضوء العدوان على غزة.
وكان لافتا وصف الوزير الأردني لاتفاقية السلام الموقعة مع إسرائيل عام 1994، في تصريح له على قناة الجزيرة، بأنها “وثيقة على الرف يعلوها الغبار”. وهو وصف يأتي بالتوازي مع إعلان البرلمان مراجعة هذه الاتفاقية مع اتفاقيات أخرى مثل الغاز “والطاقة مقابل المياه” التي أوقفت.