قال نائب رئيس الوزراء وزير الخارجيةالاردني، أيمن الصفدي، إن إسرائيل يبدو أنها فوق القانون الدولي عبر خرقها له بلا رادع، وتضرب بقرارات مجلس الأمن عرض الحائط.
وأوضح الصفدي خلال كلمة له في جلسة لمجلس الأمن الدولي بشأن القضية الفلسطينية، أن إسرائيل تبني المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة في “خرق واضح للقانون الدولي من دون رد، وتصادر أراضي فلسطين دون مساءلة، تطرد المقدسيين من بيوتهم من دون حساب، تقتل حق شعوب المنطقة في السلام من دون اكتراث”.
وأشار إلى أن مجلس الأمن الدولي “لم يطلب حتى وقفا لإطلاق النار في حرب (إسرائيل) الحالية على غزة”، في وقت لفت النظر فيه إلى أن هذا المجلس “وجد ليطبق القانون الدولي ويحفظ السلم وليوقف العنف والحرب وليمنع الظلم ويقول إنه لا فرق بين إنسان وإنسان وألّا دولة فوق القانون مهما بلغت من قوة ومهما استطاعت من بطش”.
وفي هذا الصدد، دعا الصفدي، مجلس الأمن، إلى اتخاذ “قرار يفرض وقفا لإطلاق النار وإنهاء الحرب، ويؤكد إدانة قتل المدنيين من الجانبين واستهدافهم، ويمنع تجويع الفلسطينيين وتعطيشهم وتعذيبهم بعقوبات جماعية”، إضافة إلى اتخاذ “موقف واضح يطمئن نحو ملياري عربي ومسلم أن القانون الدولي يطبق من دون تمييز وانتقائية”.
وطالب الصفدي، بـ”العمل معا” لتكون هذه الحرب “آخر الحروب على غزة وآخر العنف في فلسطين وإسرائيل وآخر مساحات شيطنة الفلسطينيين والإسرائيليين وآخر دموع كل الأمهات على موت عبثي في غياهب الصراع”.
وبحسب الصفدي فإن الحرب على غزة “تقتل 14 مدنيا فلسطينيا كل ساعة، تسلب حياة امرأة فلسطينية كل 20 دقيقة، تفطر قلب أم أو أب على طفل غيبته قذيفة دمرت بيته أو مدرسته كل 15 دقيقة”.
وتابع: “ماذا تقول أم فلسطينية لطفلها إذ يطلب شربة ماء فلا تقدر أن تلبيه، هل سينسى يوما هذا وإن عاش، إن أنّت في أذنه وسط هدير الموت أن حرمانك من الغذاء والماء والدواء جريمة حرب، لكنك فلسطيني حقك مهضوم، القانون الدولي لم يوجد لمثلك ليس لحياتك قيمة”.
الصفدي قال مخاطبا الحضور في مجلس الأمن: “كفى موتا وكفى عنفا وكفى حروبا وكفى بؤسا وكفى قهرا وكفى ازدواجية في معايير تطبيق القانون الدولي”.
وقال: “لأصدقائنا الذين يعتقدون أنهم يخدمون إسرائيل في دعم حربها على غزة والذين يظنون أن مسؤوليتهم الإنسانية والقانونية نحو الفلسطينيين تؤدى عبر دعوات تأخرت لإيصال المساعدات للغزيين نقول بصراحة: لا الموقف الداعم لإسرائيل هذا ينفعها ولا الموقف إزاء كارثة الفلسطينيين يقنعهم ويقنعنا”.
ورأى الصفدي أن “من يريد أن يدعم إسرائيل يدعم وقف الحرب والسلام العادل والشامل”، مضيفا أن “من يريد أن يتحمل مسؤوليته نحو الفلسطينيين يدعم وقف قتلهم والسلام العادل والشامل، لتعيش الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس المحتلة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل”.
وزاد: “ولتفرح كل أم فلسطينية وكل أم إسرائيلية بالابتسامة على وجوه أبنائها وليحضن الأطفال الفلسطينيون والإسرائيليون أباءهم فرحا لا خوفا”.
وقال إن “إدانة قتل المدنيين الفلسطينيين والإسرائيليين والمطالبة بإطلاق مسلوبي الحرية منهم موقف إنساني قيمي مبدئي”، مشيرا إلى أن “إدانة العنف والحرب موقف إن لم نتخذه اليوم تناقضنا مع إنسانيتنا وبتنا أسارى تعري سياسات التمييز في مقاربة صراعات أخرى”.
الصفدي تابع أن “العنف إن تجذر اقتناعا ولد من موت الأمل أو من أي دافع آخر لا ينهيه إلا واقع يسوده العدل ويتيح فرص الحياة بحرية وكرامة”.
واعتبر أن أي محاولة لتهجير الفلسطينيين داخل أرضهم المحتلة أو خارجها “جريمة حرب وفق اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 وملحقها 1977″، موضحا أن “أي محاولة لترحيل الأزمة التي أوجدها الاحتلال ويفاقمها لن تنتهي إلا بانتهاء الاحتلال، إلى دول الجوار هي تهديد لأمننا الوطني سنتصدى له بكل طاقاتنا”.
“وحده السلام العادل يضمن أمن إسرائيل وأمن فلسطين وخداع هو الترويج لإمكانية تحقيق السلام الإقليمي بالقفز فوق الشعب الفلسطيني”، بحسب الصفدي.
ودعا إلى “العودة الفورية لعملية سلام حقيقية وإلى مفاوضات جادة تستند إلى قرارات الشرعية الدولية وإلى قرارات هذا المجلس التي ما تزال حبرا على ورق لينتهي الاحتلال وليتحقق السلام العادل والشامل والدائم على أساس حل الدولتين وفق جدول زمني محدد وبضمانات دولية”.
وقال الصفدي إن “قتل ستة آلاف مدني فلسطيني، وهؤلاء أيضاً لهم أسماء ولهم وجوه ولهم ذكريات ولهم أحباء يبكونهم، وتدمير نحو مئتي ألف منزل، وجعل أكثر من مئتي مدرسة في غزة ركاماً، وقصف المستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس على رؤوس من احتمى فيها من المدنيين، ليس دفاعا عن النفس”.
وأوضح أنه “يجب أن لا نسمح للغضب مهما هاج وللألم مهما أوجع أن يقررا مصير منطقتنا، أن يأخذانا حيث لن نواجه إلا المزيد من الغضب والمزيد من الألم”. وقال: “ينعم الإسرائيليون بالأمن حين ينعم به الفلسطينيون”.
وتساءل: “كم حرباً عانت منطقتنا؟ كم مدنياً بريئاً دفع حياته ثمناً لها؟ وأين نحن اليوم؟ في جحيم حرب جديدة، تنذر بجر كل منطقتنا إلى آتونها”.
وأشار إلى أن “الصراع تعمق واضمحلت آفاق حله، لأن هناك احتلالاً لا آفاق لانتهائه، لأن في القيادات الإسرائيلية من يدمر فرص حل الدولتين، ووضع مصير الشعب الفلسطيني كله، في يد من ينكر إنسانيته، ويدعو، علناً وجهاراً، إلى مسحه عن وجه هذه الأرض”.
وقال إن “السلام للفلسطينيين، والسلام للإسرائيليين، والسلام لكل المنطقة. بغير ذلك، سنجد أنفسنا، كما هي حالنا منذ سنين، عاماً بعد عام، نتحدث بلا فعل ينهي الصراع، ونتجادل بلا عمل يحقق السلام، بينما يقتل الأبرياء، ويموت الأمل، ويتوتد اليأس، وتتعمق الكراهية. وتستمر صدقية هذه الأمم المتحدة تتآكل، وقيمة القانون الدولي تتضاءل”.
وتابع “إما أن ينتصر هذا المجلس للعدل والقانون والإنسانية. وإما أن يقول يحق لإسرائيل ما لا يحق لأي دولة أخرى، ولا يحق للشعب الفلسطيني ما يحق لأي شعب آخر، فتستعر هذه الحرب أكثر، ويظل الصراع مستقبل منطقتنا”.
واختتم “الخيار لكم. وبأيديكم. يحصد العالم كله خيره إن انتصرتم للحق والسلام. أو يتحمل المجلس وزر السماح باستمرار الحرب والقتل والدمار، وحرمان شعب كامل، من حقه في العيش، مثل كل شعوب العالم، بأمن، وكرامة، وحرية، واستقلال، على ترابه الوطني، على أرض فلسطين، على أرض آبائه وأجداده، على أرض أبنائه وأحفاده”.