للمرة الثانية أكّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أنه يتواصل مع رئيس النيجر المعزول “محمد بازوم”، بشكل يومي؛ باعتباره ما زال الرئيس الشرعي، ولكن كيف يتم التواصل في ظلّ احتجاز المجلس العسكري لبازوم، وتدهور علاقة المجلس مع باريس؟
يجيب “أنتينيكار الحسن”، مستشار بازوم، عن هذا السؤال، بأنه “رغم أن الرئيس ما زال قيدَ الاحتجاز لدى سلطات الانقلاب، إلا أن هاتفه معه، وبه يتواصل مع بعض القادة؛ منهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون”.
كما يؤكّد المحلل السياسي النيجري إبراهيم جيرو، نفس الأمر، لافتًا إلى أن المجلس العسكري الحاكم حاليًّا “لا يرى أن هذا الأمر يشكل خطورة عليهم”.
وكشف جيرو أن “سلطات الانقلاب تطّلع على كل المكالمات الصادرة والواردة إلى بازوم، وكذلك تقوم بتسجيلها”.
إصرار ماكرون
خلال زيارته منطقة “سومور-ان-اوكسوا” في وسط شرق فرنسا، الجمعة؛ قال ماكرون ردًّا على سؤال عن احتمال عودة السفير الفرنسي من نيامي إلى باريس: “سأفعل ما سنتفق عليه مع الرئيس محمد بازوم؛ لأنه هو صاحب السلطة الشرعية، وأنا أتحدث معه كل يوم”.
وسبق للرئيس الفرنسي يوم 2 سبتمبر الجاري، القول: إنه يتحدث يوميًّا مع رئيس النيجر المعزول، مؤكدًا دعم باريس لبازوم الذي أطيح به في انقلاب وقع 26 يوليو الماضي، قبل أن يحتجزه ضبّاط الجيش من منفذي الانقلاب بمقرّ إقامته في نيامي.
ولا تزال فرنسا تعتبر بازوم الرئيس الشرعي للنيجر، ولا تعترف بالقرارات الصادرة من المجلس العسكري؛ ومنها قرار طرد السفير الفرنسي، والمطالبة بخروج قواتها من النيجر، وإخلاء القواعد العسكرية.
ماذا يعرقل التدخل العسكري الفرنسي؟
اتهم ماكرون، الجمعة، المجلس العسكري باحتجاز السفير الفرنسي في نيامي رهينةً، وأنه يقدم له طعامًا عبارة عن “حصص غذائية عسكرية”.
وتفصيلًا، قال ماكرون في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفرنسية: “في النيجر، في الوقت الذي أتحدث إليكم فيه، لدينا سفير وموظفون دبلوماسيون تم احتجازهم رهائن في سفارة فرنسا”.
وكان العسكريون في النيجر أمروا السفير الفرنسي “سيلفان إيتيه”، بمغادرة البلد نهاية أغسطس؛ احتجاجًا على موقف باريس من الانقلاب؛ وهو ما رفضه ماكرون، معتبرًا أن مثل هذا القرار لا يجب أن يصدر إلا من بازوم.
عند هذه النقطة من شدة التوتر، يعود التساؤل حول ما إن كانت باريس قد تلجأ للتدخل العسكري لإنهاء الانقلاب، وحماية وجودها العسكري والسياسي في النيجر.
يستبعد إبراهيم جيرو بشدة حدوثَ هذه الخطوة، مستندًا في ذلك على أن فرنسا لا تستطيع أن تقوم بأي تدخل عسكري؛ لأنه يوجد اليوم في النيجر قوى أجنبية أخرى عظمى لها مصالح كبيرة، على رأسها الصين والولايات المتحدة، ولن تسمح لفرنسا أن تهدّد مصالحها باستخدام قوة عسكرية قد تتسبب في انهيار غرب أفريقيا بالكامل.
السيناريو الأقرب للحدوث بين النيجر وفرنسا، هو أن فرنسا ستسحب قواتها كما فعلت في كل من بلدان أفريقيا الوسطى ومالي وبوركينا فاسو؛ لأن النيجر دولة ذات سيادة، ولها اليوم حكّام يسعون إلى استعادة هذه السيادة؛ للتمكن من التحكم في ثرواتها المنهوبة من فرنسا منذ عقود طويلة.
وسبق أن علق ماكرون على مصير قوات بلاده في النيجر، قائلًا، الأحد، خلال مؤتمر صحفي عقب قمة مجموعة العشرين في نيودلهي: “إذا قمنا بأي إعادة انتشار، فلن أفعل ذلك إلا بناء على طلب الرئيس بازوم وبالتنسيق معه، ليس مع مسؤولين يأخذون اليوم الرئيس رهينة”.
واتّهم قادةُ انقلاب النيجر، السبت، فرنسا بحشد قوّاتها ومعدّاتها الحربية في عدة بلدان مجاورة في غرب أفريقيا استعدادًا “لتدخّل عسكري” في النيجر.
وبعد الإطاحة برئيس النيجر، هدّدت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس” بالتدخل العسكري في النيجر لإعادة بازوم إلى السلطة، وهو ما تحمّست له باريس.
إلا أنه نتيجة خلافات بين دول الإيكواس نفسها حول هذه الخطوة، وكذلك رفض عدد من دول الجيران مثل الجزائر ومالي وبوركينا فاسو، وعدم التحمس الأمريكي، والرفض الروسي؛ تم تجميد التحرك العسكري حتى الآن.