المناخ تبدل.. كيف حمت سدود درنة المدينة بالماضي ومحتها اليوم؟

0 138

رغم مرور أيام، لم يستفق الليبيون بعد من هول الصدمة، فعداد الموت لم يتوقف على أرضهم منذ يوم الأحد الماضي، حيث أعلن الهلال الأحمر الليبي مساء أمس الخميس، أن العاصفة دانيال قتلت حتى الآن 11 ألف شخص وخلّفت أكثر من 10 آلاف مفقود.

ولعل انهيار السدين على وادي درنة، تحت ضغط المياه المتراكمة، كان السبب وراء الكارثة.

إلا أن ما زاد غضب الشارع، إعلان حكومة عبدالحميد الدبيبة أن السدين الرئيسيين اللذين كانا على وادي درنة لم تتم صيانتهما منذ أعوام طويلة، رغم أن المنطقة تعرضت لفيضانات عديدة سابقا.

فما سر هذه المنطقة التي خلفت كل هذا الدمار؟

لم يكن سد وادي درنة كبيرا جدا، حيث يبلغ ارتفاعه نحو 70 مترا فقط، أما السد السفلي فكان أصغر بقليل، وبمجرد انهيار الأول، انهار الثاني أيضا.

والجدير ذكره أن السد الأكبر لم يواجه الأمطار الغزيرة التي كانت لا تزال تتساقط في العاصفة فحسب، بل تعرض أيضا لموجات من المياه الهائجة التي انطلقت بقوة من خلف السد الآخر.

كما لم تتعزز قوة المياه المضاعفة إلا بسبب اختلاف الارتفاع بين السدين الأول والثاني، حيث نزل التيار بالسد الثاني في طريقه إلى درنة وفي النهاية إلى البحر.

وعند نزولها من النهر، انتقلت المياه حوالي 12 كيلومترا أي ما يقارب 7 أميال، من قمة السد الأول قبل أن تصل إلى البحر.

في حين يقدر الخبراء أنه تم إطلاق 30 مليون متر مكعب من المياه عند انهيار السد، أي ما يعادل 12 ألف حمام سباحة أولمبي.

وما زاد الطينة بلة، أن سد وادي درنة الذي انهار كان مبنيا من التربة والصخور ومدعوما بخزانات ضخمة، إلا أنه كان هيكلا خرسانيا مرتفعا جدا.

كما لم تعرف أي تفاصيل حول طريقة بنائه، إلا أنه بني للسيطرة على الفيضانات التي يمكن أن تتدفق عبر الوادي الجاف خلال فترات ندرة الأمطار.

بالتالي ، لم يكن مصمما لمواجهة إعصار كبير مثل الذي ضرب المنطقة خلال الأيام الماضية.

وصمم السد للاستجابة للظروف المناخية التي كانت سائدة في منتصف القرن العشرين، وليس تلك التي نعرفها الآن منذ بداية القرن الحادي والعشرين.

دور محوري بالماضي وانهيار اليوم!

رغم ذلك، لعبت سدود درنة دورا محوريا في تقليل الخسائر خلال عدة فياضانات عرفتها البلاد، أبرزها فيضانان سنة 1941، و1956، وسنة 1959، و 1968، وفيضان 1986.

وبحسب دراسة نشرتها جامعة سرت في نوفمبر 2022، فإن حوض وادي درنة بالخصوص مثل دائما “احتمالية عالية لخطر الفيضانات”.

وفي حين تتطلب السدود صيانة دورية، لم يتم إجراء أي صيانة على سد وادي درنة منذ إنشائه عام 1977، فسد وادي درنة الكبير يتوسط المدينة منذ سنوات، وهو مشروع أنجزته شركة يوغسلافية في سبعينيات القرن الماضي.

وتم تشييد السد كاملا بواسطة شركة “هيدرو بروجيكت” في يوغوسلافيا نيابة عن وزارة الزراعة في ليبيا.

يذكر أن الإعصار “دانيال” تسبب منذ الأحد بتلك الفيضانات.

إلا أن الكارثة تفاقمت جراء سنوات من الاضطرابات التي هزّت البلاد بعد انتفاضة 2011 التي دعمها حلف شمال الأطلسي وأدت لإطاحة العقيد الراحل معمر القذافي.

وباتت ليبيا منقسمة بين حكومتين متنافستين: واحدة في الغرب تدعمها الأمم المتحدة برئاسة الدبيبة وأخرى في الشرق الذي ضربته الكارثة يرأسها أسامة حمّاد بتكليف من البرلمان.

You might also like