اعتداء قوات الإحتلال على الشبان المعتكفين داخل المصلى القبلي في المسجد الأقصى

0 107

صرخت عشرات المعتكفات بهلع وهن يشاهدن عن كثب اعتداء قوات الاحتلال على الشبان المعتكفين داخل المصلى القبلي في المسجد الأقصى بعد منتصف ليلة أمس الثلاثاء خلال اقتحام وصف بالأعنف بعد اقتحام الجمعة الثانية من رمضان 2022، حيث هدف الاقتحامان إلى منع الاعتكاف المبكر في المسجد قبيل عيد الفصح العبري.

كان الاقتحام حصيلة اعتداءات قوات الاحتلال على المعتكفين الفلسطينيين منذ بداية شهر رمضان المبارك، حيث اعتدت عليهم 4 مرات، وطردتهم من المسجد الأقصى ومنعت اعتكافهم 3 مرات، لكن الاقتحام الأخير كان الأشد، وفق ما أكده شهود عيان للجزيرة نت حين لخصوا ليلتهم قائلين “نجونا بمعجزة”.

لإعمار المسجد الأقصى في مواجهة اقتحام عيد الفصح العبري غدا الخميس اعتكف مئات الفلسطينيين العزّل داخل المصلى القبلي جنوبي المسجد بعد انتهاء صلاة تراويح 14 رمضان، وأغلقوا على أنفسهم أبواب المصلى لمنع إخراجهم من قبل شرطة الاحتلال، حيث نجحت تلك الطريقة قبل 3 أيام في الثاني من أبريل/نيسان الجاري.

500 معتقل

ضمت صفوف المعتكفين رجالا ونساء من الشبان وكبار السن وحتى بعض الأطفال من القدس والداخل المحتل والضفة الغربية، والذين واصلوا صلاة القيام وتلاوة القرآن رغم قطع الكهرباء والإنارة عنهم، لكنهم فوجئوا بأعداد كبيرة من قوات الاحتلال الخاصة تقتحم المصلى من جهة المكتبة الختنية (تحت الأرض)، وعيادة المسجد الأقصى (شرقي القبلي)، وتبدأ بإطلاق قنابل الصوت الغاز والمطاط وتعتدي بالضرب المبرح عليهم ثم تعتقل نحو 500 شاب، وتفرغ المصلى تماما قبيل صلاة الفجر.

وتقول إحدى المعتكفات  إنها جاءت مع والدتها وشقيقتها من مدينة نابلس للاعتكاف في المسجد الأقصى، ولم تتوقع أن يقتحم المصلى بتلك الطريقة بسبب أعداد المعتكفين، ومر منتصف الليل دون حدوث شيء، لكن قوات الاحتلال اعتلت سطح المصلى بعد الساعة الواحدة، فاضطرت المعتكفات إلى التقدم داخل المصلى (جنوبا) والانزواء جانبا لحماية أنفسهن، وشرعن في الدعاء جهرا لتثبيت المعتكفين.
حمونا بأجسادهم

“رأيت الموت بعيني، ونطقت الشهادتين، بكينا ورجفنا من الخوف، وتخضبت ملابسنا بدماء الشبان”، هكذا وصفت الشابة المعتكفة اللحظات الأولى بعد اقتحام قوات الاحتلال وسط الظلام الدامس الذي بددته المفرقعات النارية التي أطلقها الشبان لمنع الاقتحام، وتقول إن الشبان شكلوا درعا بشريا حول النساء المعتكفات لحمايتهن، وتحصنوا بمقاعد بلاستيكية.

وانقضّت قوات الاحتلال على الشبان تضربهم عشوائيا بالهراوات والدروع والكراسي وتصعقهم بالكهرباء دون رحمة أمام النساء اللواتي تكدسن فوق بعضهن البعض بعد محاصرتهن ومنعهن من الحركة أو الكلام أو التصوير.

وتقول شاهدة العيان إن إحداهن رأت شقيقها وهو يعذب، وأخرى مسنة صرخت من الألم بعد إجرائها عملية جراحية حديثا، وتضيف “امتلأ المكان بالغاز واختنق الجميع، أطلقوا القنابل المطاطية على أجساد الشبان مباشرة، كل من يتحرك كانوا يدوسونه بأقدامهم”.
منع الإسعاف

بعد تعذيبهم قيدت قوات الاحتلال أيدي وأرجل الشبان وكدستهم فوق بعضهم أرضا ثم اقتادتهم عبر باب المغاربة (غربي المسجد) بشكل مهين حاولت فيه إخفاض رؤوسهم، ونقلتهم إلى مركزي شرطة “عطروت” و”موتسدات أدوميم” في القدس المحتلة وأفرج عن بعضهم لاحقا بشرط الإبعاد عن الأقصى والبلدة القديمة، فيما أفاد الهلال الأحمر الفلسطيني بأن الاحتلال اعتدى على طواقمه ومنع وصولها لعلاج المصابين.

قبل اعتقال الشبان أجبرت القوات المقتحمة النساء على مغاردة المصلى وطردتهن عبر باب السلسلة (غرب) إلى البلدة القديمة في القدس وسط وابل من الشتائم البذيئة.

وتقول الشاهدة  “سال دم الشبان في كل مكان وخضّب حجاب بعض المعتكفات، مررنا بين رؤوس الشبان المقيدين أرضا، بعضنا خرجن حافيات الأقدام بعد منعهن من ارتداء أحذيتهن، وأخرى مزقوا حجابها وألقوا محتويات حقيبتها على الأرض، قالوا لنا (اخرجن مثل الكلاب واحدة واحدة)”.

وتؤكد المعتكفات أن الاحتلال أصاب شابتين بكسور في الجمجمة والرئتين بعد ضربهن بالقنابل والهراوات، حيث اضطررن إلى المشي مسافة طويلة لتلقي المساعدة الطبية بعد منع دخول طواقم الإسعاف إلى المسجد، كما تعمدت القوات تخريب عيادة المسجد الأقصى بشكل كامل وكسرت العديد من نوافذه وأبوابه الداخلية.
نجونا بأعجوبة

وقالت معتكفة أخرى من القدس المحتلة ،إنه ورغم إفراغ المصلى القبلي من الداخل فإن مجموعة من المعتكفين استطاعوا الصمود في منطقة تدعى “الحاكورة” جنوب المصلى، لكن قوات الاحتلال حاصرتهم وألقت عليهم القنابل وتسببت بحريق موضعي، وتمكنت أخيرا من تكسير المدخل واعتقالهم جميعا.

كانت القوات تحمل دروعا منيعة خلال تعذيبها المعتكفين العزّل وكاميرات متخصصة وثقت كل شيء ومصابيح إنارة لتفقد قيود المعتقلين، وتزامنا مع الاقتحام الدامي نظم مقدسيون مسيرات مناصرة للمعتكفين في البلدة القديمة، واندلعت مواجهات مع قوات الاحتلال في أحياء مقدسية قريبة من الأقصى مثل الطور ورأس العامود.

تقول الشاهدة المقدسية “نجونا بأعجوبة، حين أخرجونا إلى البلدة القديمة رأينا شبانا جاؤوا لنصرتنا فأحسسنا بقوة وأمان، بدأنا بالتكبير والهتاف عاليا والتذكير بالشبان المعتقلين المعذبين وراءنا، ثم سجدنا سجدة شكر جماعية بعد ثباتنا ونجاتنا”.

سألناها ختاما: هل تنوين الاعتكاف مرة أخرى؟ فأجابت بدون تردد “أريد أن أعود الآن، رغم اللحظات القاسية شعرت بسكينة رهيبة، واصلت الدعاء ورددت لا غالب إلا الله، لقد اصطفانا الله لنكون في أقدس الأمكنة والأشهر، فيما نام البقية في بيوتهم، لدي اليوم ما سأرويه للنبي -صلى الله عليه وسلم- حين يسألني عن مسراه”.

You might also like