بوتين شدد على أن روسيا ليس لديها نوايا عدائية وتعهد بمواصلة العمل لبناء «عالم متعدد الأقطاب»، مشيراً إلى فشل الغرب في عزل بلاده. تم تحديث العقيدة السياسية الخارجية لروسيا، والتي نصت للمرة الأولى على أن الولايات المتحدة تشكل التهديد الأساسي لروسيا. وقد حضر 17 سفيراً في حفل تسليم أوراق اعتمادهم في الكرملين، وأكد بوتين أن روسيا لن تعزل نفسها عن العالم الخارجي. وتعهد بأن روسيا سوف تواصل العمل كأحد مراكز السياسة العالمية بهدف الحفاظ على توازن الاستقرار العالمي وتشكيل عالم متعدد القطبية، وأنه يلتزم بالقواعد الدبلوماسية.
كما أعلن الكرملين، أن انضمام فنلندا إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو) «لا يساهم في تعزيز الاستقرار، بل يخلق تهديداً إضافياً لروسيا» وتعهد بأن تتخذ بلاده «إجراءات تشمل كل ما هو ضروري لضمان أمن روسيا». وقال الناطق باسم الكرملين، دميتري بيسكوف «بالطبع هذا حدث لا يساهم في تعزيز الاستقرار والأمن في القارة الأوروبية. وهذا يشكل تهديداً إضافياً لنا ويلزمنا باتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة التوازن إلى النظام الأمني بأكمله». ولفت بيسكوف إلى أن «الخطوات المحددة لإعادة التوازن ليست إجراءً واحداً وإنما عملية متكاملة تقوم على سلسلة إجراءات تتخذ بمرور الوقت… وكل ما يحتاج إلى ضمان أمننا سيتم اتخاذه وتنفيذه».
وباتت فنلندا، أمس، رسمياً العضو الحادي والثلاثين في الحلف بعد تسلمها وثيقة انضمامها للحلف. وسلم وزير الخارجية الفنلندي، هافيستو بيكا، وثيقة عضوية بلاده بالحلف بعد أن وقّع عليها، وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، بحضور الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ. بدوره، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر غروشكو، أن موسكو «بدأت بالفعل في تطوير تدابير جوابية لوقف التهديدات المحتملة فيما يتعلق بانضمام فنلندا إلى حلف الأطلسي». وشدد على أن الهيئات العامة المسؤولة «تأخذ بعين الاعتبار إمكانية تنفيذ سيناريوهات مختلفة لتطور الوضع، بما في ذلك السيناريوهات التي تنطوي على نشر قوات قتالية أو ظهور معدات أجنبية على أراضي هذا البلد». وتابع «على أي حال، أخذ هذا أيضاً في الاعتبار… في عمليات التخطيط العسكري الروسية». ووفقاً لغروشكو «سوف تتخذ روسيا إجراءات عسكرية تقنية إذا أصبح (الناتو) أكثر نشاطاً بعد انضمام فنلندا إلى الحلف، وموسكو مستعدة لمخاطر تغيير الوضع في المنطقة». وزاد «بالمعنى القانوني، يدخل (الناتو) الحدود بين روسيا وفنلندا، والتي يبلغ طولها 1.3 ألف كيلومتر… وهذا واقع عسكري وسياسي جديد يجب أن يؤخذ في الاعتبار في تخطيطنا الدفاعي، وهو ما سنفعله. إذا زاد نشاط (الناتو) في هذه المنطقة فسيتم اتخاذ جميع الاحتياطات العسكرية والفنية اللازمة».
على صعيد آخر، بدا أن الخارجية الروسية صعّدت لهجتها بقوة حيال الولايات المتحدة. وبعد مرور يوم واحد على وصف نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف العلاقة مع واشنطن بأنها «وصلت مرحلة الانهيار الكامل»، قال، إن «روسيا والولايات المتحدة دخلتا حالياً في مرحلة صراع ساخن». وأوضح الدبلوماسي المكلف ملف العلاقة مع واشنطن والمسؤول عن مفاوضات التسلح والأمن الاستراتيجي، أن «الواقع الحالي أننا في مرحلة صراع ساخن مع الولايات المتحدة. إننا نشهد انخراطاً مباشراً لهذه الدولة في حرب مختلطة مع روسيا بطرق متنوعة. بعض أشكال هذه الحرب ببساطة غير مسبوقة – فهي لم تكن موجودة سابقاً ولم يكن من الممكن أن توجد خلال الحرب الباردة». وأشار إلى أنه «لسوء الحظ، هناك الكثير من الحديث عن خطر نشوب صراع نووي». وبحسب ريابكوف، فإن «خصومنا الأميركيين» «متهورون تماماً» من نواحٍ عديدة، بينما تؤكد روسيا باستمرار أنه لا يمكن أن يكون هناك رابحون في حرب نووية، وبالتالي لا يمكن إطلاق العنان لها. وزاد «يدفع أعداؤنا الأميركيون الأمور إلى أعلى سلم التصعيد، انطلاقاً من إيمان سخيف وأعمى، في القدرة على إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا». ولفت إلى أن هذا «لعب بالنار».
وبحسب ريابكوف «سيكون من الخطأ الفادح أن تستخف الولايات المتحدة بتصميم روسيا على اتخاذ جميع التدابير، واستخدام كل الوسائل المتاحة لمواجهة مساعي التعدي على سيادة روسيا وسلامتها الإقليمية». ومن المتوقع أن يجري رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو في موسكو مباحثات مع نظير الروسي فلاديمير بوتين. وجاء في بيان من الكرملين، أن الرئيسين سوف يناقشان التقدم بشأن تشكيل دولة الاتحاد بين بيلاروس وروسيا. وأضاف البيان، أنه من المقرر أن يعقد لوكاشينكو وبوتين مباحثات «بشأن القضايا الثنائية والدولية» وتتضمن القضايا الثنائية تمركز الأسلحة النووية في أراضي بيلاروسيا بصورة مباشرة على الحدود مع بولندا، مثلما أعلن بوتين في السابق. ومن المرجح أن تتضمن القضايا الدولية الحرب في أوكرانيا وكيفية الرد على انضمام فنلندا للحلف الذي اكتمل رسميا أمس.