حذّر الناشط الأميركي السابق والمسؤول المعني بقضايا السلاح النووي، دانيال إلسبيرغ (91 عامًا)، في حوار مع صحيفة “نيويورك تايمز”، من خطر اندلاع حرب نووية بسبب الأزمة الحالية في أوكرانيا، مطالبًا بتعاون الجميع لتجنب أي تصعيد يهدد مستقبل البشرية.
وأصبح إلسبيرغ معروفًا بتسريبه وثائق سرية لوزارة الدفاع الأميركية عام 1971، تعرف باسم “أوراق البنتاغون”، وذلك أثناء عمله كمتعاقد عسكري مع الوزارة.
وأثار تسريب إلسبيرغ لتلك الوثائق ضجة كبيرة في الولايات المتحدة في ذلك الوقت، وأصبح نقطة انطلاق لشهرة صحيفتي “واشنطن بوست” و “نيويورك تايمز” عندما نشرتا تلك الوثائق، وسرعان ما اتبعتها صحف أخرى. ولقد دفعت هذه التطورات الإدارة الأميركية في ذلك الوقت لاتخاذ قرار بوقف نشر تلك الوثائق، بحجة أنها تهدد أمن البلاد.
غير أن المحكمة الأميركية العليا قررت بعد ذلك السماح بنشر تلك الوثائق، تطبيقا للبند الأول من الدستور الأميركي الذي يشدد على عدم المساس بحرية الإعلام وحق الشعب في المعرفة، ثم أسقط القضاء لاحقا التهم التي وُجهت لإلسبيرغ بكشفه أسرار الدولة.
أخطار بالجملة
وقال إلسبيرغ “إنني أغادر عالما يعاني وضعية سيئة للغاية، ويمر بأخطر مرحلة في تاريخه منذ أزمة صواريخ كوبا.. ليس هذا هو العالم الذي حلمت بأن أراه عام 2023”.
وجدير بالذكر أن إلسبيرغ مصاب بالسرطان، وأخبره الأطباء أنه سيعيش لأشهر قليلة فقط.
وذكّر “مسرب أوراق البنتاغون” بأن أزمة التغير المناخي من المشاكل الكبرى التي تواجه العالم، وأكد أن الدول لن تتخذ الإجراءات اللازمة لمواجهة هذه الأزمة الخطيرة، ولن تلتزم بتطبيق بنود اتفاقيات باريس بشأن المناخ 2016، مثل الولايات المتحدة التي يفترض أن تخفض نسبة إنبعاث الكربون إلى النصف بحلول عام 2030، لكن ذلك لن يحدث.
واستغرب إلسبيرغ عدم وجود مسربين لأخبار عن تجاوزات داخل المؤسسات الرسمية، وقال إن الجميع يخاف، ليس من الذهاب إلى السجن فحسب بسبب تبليغه عن مخالفات، ولكن يخافون أيضا من فقدان عملهم، والصعوبات التي ستواجههم مستقبلا خلال البحث عن عمل وإثبات قدرتهم على حفظ الأسرار المهنية.
نظام تحكم
وانتقد إلسبيرغ نظام حماية السرية، وقال إنه أصبح عبارة عن “نظام تحكم”، مبرزا أن تطبيق هذا النظام يعمل -في الغالب- لحماية المسؤولين والإدارات من الإحراج ومن المساءلة.
وأضاف أن أحد الخبراء في الكونغرس كان قد أكد عام 1971 أن 5% فقط من المعلومات التي صنفت سرية تفي بمعايير السرية، وقال إن وسائل الإعلام لم تحقق بشكل كامل في نظام السرية وما الغرض منه وما آثاره.
وحذر من خطورة الحرب النووية، وقال إن الجهد كله يجب أن يذهب في اتجاه تفادي حدوثها، وقال إن هذا النوع من الأسلحة المدمرة يستخدم كتهديد في حرب أوكرانيا من طرف الجميع، وهي حالة تشبه من يقتحم بنكا بمسدس لسرقته فما دام يستطيع إيجاد مخرج لنفسه من دون استخدام مسدسه فذلك أفضل للجميع، لكن المشكلة تكمن في أن الحظ بعدم استخدام المسدس لا يتحقق دائما.
وأوضح أن استخدام الولايات المتحدة السلاح النووي عام 1945 كان خطأ، وحذر من أن تهديد الرئيس الروسي بوتين باستخدام هذا السلاح المدمر “ليس مزحة”، ومن ثم يجب على الجميع عدم التهاون في التعامل بجدية لتفادي الخطر النووي المحدق.