يقول الكاتب الأميركي روس داوثات في مقال لصحيفة نيويورك تايمز أن حرب العراق التي شنتها الولايات المتحدة كانت كارثة تاريخية تفوقت على كارثة فيتنام، وأن تأثير الحرب العراقية على الحياة الداخلية في الولايات المتحدة يشبه مرض الهزال أو المرض المنتكس، بينما كان تأثير حرب فيتنام يشبه الحمى. وأشار إلى أنه يقارن الحربين في الذكرى العشرين، مما يجعل المقارنة أكثر منطقية ومعقولة، ويمكن بعد 20 عامًا تحديد أي من القرارات السياسية كان الأسوأ في شن الحرب.
التكلفة الإستراتيجية الشاملة
باختصار، قال الكاتب الأميركي روس داوثات أن حرب أميركا على العراق كانت أكبر كارثة تاريخية على الولايات المتحدة بالمقارنة بحرب فيتنام، حيث أن تأثيرها تغلغل داخل أزمات اجتماعية أخرى، مثل وباء المواد الأفيونية، وجعلت الجسم السياسي الأميركي أكثر عرضة للتطرف والديماغوجية، مما أدى إلى ظهور مزاج مستمر من التشاؤم وخيبة الأمل المتفاقمتين باستمرار.
وأشار إلى أنه منذ عام 2004، بدأت المؤسسات الليبرالية تميل نحو اليسار بسبب فقدان المحافظين الجدد مصداقيتهم، ولم يستطع أي منهم الحفاظ على وزن متوازن لمختلف أشكال الشعبوية اليمينية مثل حزب الشاي وترامب، مما جعل الجمهوريين غير قادرين على الحكم بنجاح.
تأثير مستمر في تعقيده
داوثات يقول إن تأثير حرب العراق على الموقف العالمي لأميركا لا يزال يتعقد ويتراكم، مما جعل من الصعب على الولايات المتحدة إعادة الإصطفاف الجيوسياسي العالمي. وأضاف أن هزيمة أميركا الأخيرة في أفغانستان قد تؤثر على قرار روسيا بالهجوم على أوكرانيا. كما أن الموقف الأميركي الحالي تجاه الصين يعكس عدوانية جديدة وخطرًا متزايدًا، ويشير إلى أن أميركا لم تتمكن من الإنسجام مع التحولات العالمية في العقد الماضي.
اضمحلال الإعجاب بالثقافة الأميركية
ومضى يقول إن حرب أميركا على العراق أثرت على مواقف الدول النامية تجاه الولايات المتحدة، حيث أظهرتها قوة مهيمنة أقل جدارة بالثقة، ومتهورة أكثر من كونها ثابتة وموثوقة، ثم الطريقة التي ساهمت بها حرب العراق في الإنقسامات الداخلية جعلت الثقافة الأميركية تبدو أقل إثارة للإعجاب والمشروع الليبرالي الديمقراطي الأوسع يبدو أقل حتمية، ولذلك لم يتم دفع روسيا والصين فقط، بل مراكز القوى الأخرى، من الهند إلى تركيا، نحو مسارات ما بعد أميركا وما بعد الغرب من خلال كل ما أعقب ذلك.
وختم داوثات بأنه بعد 20 عاما من حرب فيتنام تمكنت أميركا من فصل الصين عن روسيا واقتربت من سقوط جدار برلين، واليوم، تجد نفسها أمام تزايد النفوذ الصيني، وأمام تحالف روسي-صيني معاد لها، ويبدو أن إمبراطوريتها في طريقها للغروب.