مصر وإثيوبيا، جدال حول قرب إتمام سد النهضة

0 119

أثار إعلان إثيوبيا عن اكتمال 90% من بناء سد النهضة على نهر النيل جدلاً واسعاً بين القاهرة وأديس أبابا. وفيما شكك خبير مياه مصري في صحة هذه النسبة، اتهم مسؤول إثيوبي القاهرة بمحاولة الإلهاء عن تقنية وتشغيل السد.

ويقوم مشروع بناء سد النهضة على الرافد الرئيسي لنهر النيل، ويعمل عليه فريق إثيوبي منذ عام 2011، وفقًا للهيئة الحكومية المسؤولة عن المشروع. وقد أعلن مكتب التنسيق الوطني لبناء السد أن 90% من أعمال البناء في السد قد اكتملت، وأشاد بمساهمات الإثيوبيين في المشروع.

ويعتبر سد النهضة قضية حساسة بين مصر وإثيوبيا والسودان، حيث تخشى مصر والسودان من أن يؤدي بناء السد إلى تقليل كمية المياه التي تصل إليهما، فيما ترى إثيوبيا أن السد ضروري لتوليد الكهرباء وتحقيق التنمية الإقتصادية.

لكن خبير المياه المصري الدكتور المصري عباس شراقي اعتبر الإعلان الإثيوبي «مُبالَغاً فيه»، قائلاً، في منشور له عبر صفحته بموقع فيسبوك، إن «نسبة البناء في سد النهضة حوالى 78 % (85 % خرسانة، 70 % كهرباء).

وأوضح شراقي، وهو أحد الخبراء البارزين والمعنيين بقضية السد، أن أديس أبابا كانت قد أعلنت، عام 2021، أن نسبة الإنتهاء من بناء السد بلغت 80 %، في حين كانت في عام 2019، 70 %، ولهذا من المتوقع أن تنتهي إثيوبيا من البناء بشكل كامل عام 2025، مشيراً إلى أن المتبقي من الخرسانة حوالى 1.6 مليون متر مكعب من إجمالي السد، طبقاً للشركة المنفذة «We Build»؛ أي بنسبة 85 %.

وتابع قائلاً: «أما الكهرباء فهي متأخرة، حيث إنه لم يجرِ تركيب سوى توربينين اثنين فقط من إجمالي 13 توربيناً، والعمل في تركيب التوربينات يحتاج إلى وقت كبير وأعمال فنية دقيقة».

واستغرق تركيب التوربينين حوالي سنتين، ولم يعملا معاً حيث تعثّر الإنتهاء من الثاني في افتتاح الأول يوم 20 فبراير 2022، في حين أن الثاني جرى تدشينه بعد 6 أشهر من التوربين الأول.

ونشر شراقي صورة من الأقمار الصناعية قال إنها تشير إلى استمرار فتح بوابة التصريف الشرقية مع تشغيل محدود لتوربين واحد أو إثنين، مع استمرار انحسار البحيرة وبُعدها عن سد السرج.

وأنهت إثيوبيا، في يوليو 2021، المرحلة الثانية من ملء الخزان، وفي أغسطس 2022 أنهت المرحلة الثالثة، في حين من المنتظر أن تنهي أديس أبابا المرحلة الرابعة من الملء بحلول الصيف. وبدأت إثيوبيا بالفعل توليد الكهرباء من سد النهضة في فبراير (شباط) 2022.

وتخشى مصر من تأثر حصتها في مياه النيل جراء السد، وتطالب القاهرة، ومعها الخرطوم، باتفاق قانوني مُلزم ينظّم عمليتي ملء وتشغيل السد، بينما تدفع أديس أبابا بإنشاء السد «الكهرومائي»؛ بداعي حقّها في التنمية عبر استغلال مواردها المائية.

وفي تصريحات، لـ«الشرق الأوسط»، اعتبر أستاذ القانون الدولي محمد مهران أن إعلان الحكومية الإثيوبية اكتمال نسبة 90 % من عمليات بناء السد، قبل الوصول لاتفاق قانوني مع الأطراف المشتركة في الحوض الدولي، يشكل خرقاً إثيوبياً جديداً للقانون الدولي، مشيراً إلى تعمد أديس أبابا انتهاك الإتفاقيات والمعاهدات الدولية عبر تصرفات أحادية تهدد حياة الشعبين المصري والسوداني.

ولفت إلى أن استكمال عمليات بناء السد، دون تنسيق مع دولتي المصب، سيؤدي لأخطار إقتصادية وإجتماعية وبيئية، ولا سيما أن الدولة المصرية تعتمد اعتماداً كلياً على نهر النيل مصدراً للمياه.

في المقابل اعتبر مدير إتصالات الطاقة الكهربائية الإثيوبية موغس ميكونين التصريحات المصرية عن سد النهضة وفكرة الأمن المائي «إلهاء لإحداث ربكة بشأن تقنيته ‏وتشغيله». وقال ميكونين، في تصريحات لشبكة «فانا» الإثيوبية، إن «المستوى العالي من الأمن المائي يحقق أقصى استفادة من المياه للبشر والنظم البيئية، ويحدّ من مخاطر الآثار المدمرة المرتبطة بالمياه».

وقبل أسابيع حذَّر وزير الخارجية المصري سامح شكري، في تصريحات مُتَلفزة، من أن «خيارات مصر بشأن أزمة سد النهضة الإثيوبي مفتوحة، وإن لها الحق في الدفاع ‏عن مقدَّرات ومصالح شعبها». في حين ردّت وزارة الخارجية الإثيوبية، في بيان، بأن «مثل هذا التهديد يشكل خرقاً صارخاً لميثاق الأمم المتحدة، والقانون التأسيسي للإتحاد الأفريقي»، وطالبت مصر بـ«أن تكفّ عن تصريحاتها القاسية وغير القانونية».

وانتقد ميكونين الحديث المصري عن أن ملء السد وتشغيله ستكون له تداعيات إقتصادية وبيئية واجتماعية كبيرة، لافتاً إلى أن السد «سيضاعف توليد الكهرباء في إثيوبيا، ويُحتمل أن يحفز النمو الإقتصادي للبلاد، من خلال الزيادات في إنتاج القطاعات المعتمدة على الكهرباء، وكذلك القطاعات الأخرى».

وأضاف أن «تصدير الطاقة يخلق تكاملاً إقتصادياً سلمياً، من خلال تقاسم الموارد المتبادلة، ومن ثم تأمين الإستثمار الأجنبي المباشر لدول المنطقة».

وشدّد على أن الغرض من سد النهضة هو «انتشال الملايين من الفقر وتوفير الكهرباء لأكثر من 60 مليون إثيوبي، وتوفير الكهرباء بأسعار معقولة للقطاعات الخدمية والصناعية والزراعية و الإقتصادية».

وتنظر مصر للسد الإثيوبي باعتباره «خطراً وجودياً» يهدد حياة الملايين من مواطنيها. ووفق وزير الموارد المائية المصري هاني سويلم، فإن «الممارسات الأحادية غير التعاونية في تشغيل هذا السد، المُبالَغ في حجمه، يمكن أن يكون لها تأثير كارثي».

وقال سويلم، أمام الجلسة العامة لمؤتمر الأمم المتحدة للمياه 2023، نهاية الأسبوع الماضي، إنه «في حالة استمرار تلك الممارسات على التوازي مع فترة جفاف مطوّل، قد ينجم عن ذلك خروج أكثر من مليون ومائة ألف شخص من سوق العمل، وفقدان ما يقرب من 15 % من الرقعة الزراعية في مصر، ومضاعفة فاتورة واردات مصر الغذائية».

You might also like