تترقب الأسواق بحذر قرارات الإجتماع القادم لمجلس الإحتياطي الفيدرالي الأميركي، خاصة بشأن رفع معدلات الفائدة، وذلك عقب الإضطرابات التي تعرض لها قطاع البنوك مؤخراً. يواجه مسؤولو البنوك اليوم معضلة تحديد أولوياتهم بين كبح التضخم عن طريق رفع معدلات الفائدة، والتصدي للإضطرابات الحالية في القطاع البنكي. وفي الشهر الماضي، خفض الفيدرالي وتيرة رفع أسعار الفائدة للمرة الثانية على التوالي، حيث أقر زيادة أسعار الفائدة بنسبة 0.25 بالمئة، وصلت إلى نطاق 4.50 بالمئة إلى 4.75 بالمئة، وهو أعلى مستوى منذ العام 2007.”
“قبل انهيار بنك سليكون فالي في وقت سابق من هذا الشهر، كانت التوقعات تشير إلى رفع معدلات الفائدة بنصف نقطة مئوية، ولكن الآن تنحصر التوقعات في عدم تغيير المعدل، أو رفعه بنسبة ربع نقطة فقط. وفي شهادته أمام الكونغرس قبل إعلان أرقام الوظائف والتضخم لشهر فبراير، أشار رئيس الفيدرالي الأميركي إلى أن القرار بشأن رفع معدلات الفائدة سيعتمد جزئياً على تلك البيانات التي تم مراقبتها عن كثب. كما صرح بأنه في النهاية، سيتعين على بنك الإحتياطي الفيدرالي رفع سعر الفائدة القياسي أعلى من 5.1 بالمئة، وهي التوقعات التي أعلن عنها المسؤولون في ديسمبر الماضي.”
أحد أكثر القرارات المهمة
وذكر تقرير نشرته صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية، الثلاثاء، أن “مجلس الإحتياطي الفيدرالي يتعين أن يتخذ أحد أكثر القرارات ذات الأهمية فيما يخص رفع أسعار الفائدة، حيث يدرس ما إذا كان سيطبق زيادة أخرى دون معرفة ما إذا كانت الجهود المبذولة لدعم القطاع المصرفي ستنجح على المدى الطويل”
وأبرز التقرير عدداً من النقاط الأساسية:
*يتعين على مسؤولي الفيدرالي أن يقرروا ما إذا كانوا سيمضون قدماً في رفع سعر الفائدة ربع نقطة مئوية أخرى أو التخلي عن الزيادة.
*تأتي تلك المعضلة التي يواجهها الفيدرالي في الوقت الذي تصرفت فيه السلطات بسرعة لدعم النظام المالي في أعقاب انهيار بنك سيلكون فالي في وقت سابق من هذا الشهر، مع قيام بنك الإحتياطي الفيدرالي بتقديم تسهيل جديد لمساعدة المقرضين، وتوسط الحكومة السويسرية في استحواذ “يو بي إس” على “كريدي سويس”.
ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه الإجراءات ستكون كافية لوقف تداعيات الأزمة.
*تقبع أسعار أسهم معظم البنوك الأميركية أقل بكثير من المستويات التي تم تسجيلها قبل انهيار سيلكون فالي، بينما لا يزال سهم بنك فيرست ريبابليك ينخفض بعد خفض التصنيف الإئتماني للمرة الثانية يوم الأحد.
هل يخاطر الفيدرالي بـ “بعث رسائل سلبية للأسواق”؟
يشير المحلل الأميركي حازم الغبرا، المستشار السابق بوزارة الخارجية، في تصريحات لـ “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إلى أن معظم التوقعات تشير إلى زيادة معدلات الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية،
ويعزي ذلك إلى سببين رئيسيين:
السبب الأول: قبل أزمة البنوك الأخيرة كانت التوقعات تشير لاتجاه لرفع الفائدة في اجتماع مارس، وبالتالي إذا لم يرفع الفيدرالي الفائدة فإن ذلك قد يعد رسالة لأسواق المال بأن هناك مشكلة كبرى. والفيدرالي لا يريد إرسال هذا النوع من الرسائل؛ لأنه عملياً لا توجد مشكلة كبرى.
السبب الثاني:إنشغال الفيدرالي الأميركي وهدفه الأساسي حالياً هو محاربة التضخم، وذلك عبر رفع معدلات الفائدة، ومن ثم فإن حدوث أضرار إقتصادية وتباطؤ إقتصادي في سياق تلك السياسات أمر طبيعي عند محاولة السياسة النقدية كبح جماح التضخم.
وعلى الجانب الآخر، يلفت إلى أن عدداً من المحللين يتوقعون عدم رفع الفائدة (لصالح التثبيت) لمدة ثلاثة أشهر لمراقبة الأسوق والتأكد من أنه لن تكون هناك مشاكل إضافية يسببها الرفع السريع لمستوى الفائدة.
ما مدى قدرة البنوك على التأقلم؟
ويتحدث الغبرا في السياق نفسه عن أزمة البنوك خلال الأسابيع القليلة الماضية، موضحاً أن الأزمة واجهتها بنوك بعينها كانت لديها مشاكل في توجهاتها ونوعية العملاء وسياساتها التي أدت لجعلها أكثر عرضة للمشاكل المالية، مشيراً إلى تأثر تلك البنوك برفع أسعار الفائدة بعدما كانت تشعر بارتياح في ظل أسعار فائدة متدنية، وبالتالي “السؤال هنا: ما مدى قدرة هذه البنوك على التأقلم بشكل كاف مع التغير الكبير والسريع في السياسات النقدية؟”.
ويتابع: “يُعتقد بأن الفيدرالي سوف يتطرق إلى ذلك الأمر في اجتماعه غداً.. الجميع ينتظر تصريحات الفيدرالي ووصفه لما حدث في أول اجتماع له بعد أزمة البنوك، وما هي الخطة التي يعمل عليها لتلافي المزيد من المشاكل، فضلاً عن خطة إعادة الثقة لسوق المال والمستثمرين في المجالات المختلفة”.