زادت الميليشيات الحوثية في الفترة الأخيرة من ارتكاب انتهاكات لحرمة المساجد في صنعاء وثلاث مدن يمنية، مع زيادة التضييق والتعسف ضد المصلين وإجبارهم على الحضور لبرامج طائفية والإستماع إلى خطب يومية لزعيم الجماعة. وأفادت مصادر يمنية مطلعة أن تلك الممارسات لم تقتصر على حرمة المساجد ومنع المصلين من أداء شعائرهم، بل تم تحويل عشرات المساجد في مدن تحت سيطرة الميليشيات إلى قاعات مفتوحة للسمر وعقد اللقاءات والأمسيات، وتعاطي نبتة “القات” والإستماع إلى المحاضرات اليومية لزعيم الميليشيات.
وقوبل ذلك التصرف الإنقلابي الذي وُصف بـ«الأرعن» بموجة غضب شديدة في أوساط المصلين وسكان الحي القريب من المسجد، وقالوا: إن الميليشيات تسعى من وراء سلوكها إلى فرض أفكارها ومعتقداتها بالقوة في أوساط المجتمع اليمني.
وطبقاً للمصدر، لم يكتفِ المشرف الحوثي بذلك التعدي على حرمة المسجد ومنع المصلين من الصلاة، بل مارس كل أساليب الضغط على المصلين بغية إجبارهم على عدم مغادرة المسجد والبقاء للمشاركة في حلقات السمر والتعبئة والإستماع إلى المحاضرات الطائفية.
وكانت مصادر مطلعة في صنعاء أكدت، أن الجماعة أصدرت مطلع رمضان تعميمات تحث معمميها من الخطباء والأئمة في العاصمة وريفها وبقية مدن سيطرتها بالشروع في إقامة طقوس مجالس للسمر لتحريض الشبان على الإلتحاق بجبهات القتال.
وفي محافظة إب (192 كلم جنوب صنعاء)، اقتحم مسلحو الجماعة مسجد «الضياء» بمديرية الظهار وسط المدينة، وأجبروا المصلين على قطع صلاة التراويح بحجة إقامة برامج تعبئة واستقطاب وتحريض طائفي تشرف عليها الميليشيات حالياً في مئات المساجد بمناطق سيطرتها.
وتحدث شهود لـ«الشرق الأوسط»، عن تسابق مسلحي الجماعة عقب اقتحامهم المسجد بقوة السلاح على حجز أماكنهم داخله استعداداً للسمر بهدف قطع الطريق على من يريد إقامة صلاة التراويح. وأفاد الشهود بأن ذلك التصرف قوبل باستياء واسع في أوساط المواطنين الذين غادر العديد منهم المسجد.
إلى ذلك، أفادت مصادر محلية في إب بأن مسلحي الميليشيات ارتكاب مزيد من جرائم الدهم الجديدة بحق عديد من المساجد بمركز المحافظة وعدد من مديرياتها، من أجل التضييق على المصلين تنفيذاً لتعليمات صادرة لهم من مكتب هيئة الأوقاف الحوثية بالمحافظة.
وتوالياً لاعتداءات الإنقلابيين المتكررة على حرمة المساجد في مدن سيطرتهم، أفادت تقارير محلية بمنع الجماعة الحوثية جموع المصلين بمحافظتي حجة وصعدة من إقامة صلاة التراويح في عدد من المساجد.
وأوضحت التقارير، أن مسلحين حوثيين على متن عربات عسكرية منعوا المصلين من أداء صلاة التراويح في بعض مساجد مدينة المحابشة بمحافظة حجة وهدّدوا أئمة وخطباء المساجد، وفرّقوا جموع المصلين عقب صلاة العشاء.
وبالتوازي مع ذلك، أبلغ الإنقلابيون أئمة عدد من المساجد بأحياء مدينة صعدة (معقل الميليشيات) بعدم إقامة صلاة التراويح في رمضان هذا العام، والاكتفاء بإقامة صلاة العشاء فقط، ثم البدء على الفور بإطلاق برامج «التطييف والتعبئة» الرمضانية.
وكانت تقارير محلية وأخرى دولية كشفت على مدى سنوات الإنقلاب الماضية، عن آلاف الإنتهاكات الحوثية بحق المساجد في عدد من المناطق، حيث تنوعت بين اقتحام مساجد ونهبها ومصادرة كل محتوياتها، وبين جرائم قتل وإصابة وخطف بحق القائمين عليها ومرتاديها بعد منعهم من أداء بعض شعائرهم.
وكشف تقرير حقوقي عن ارتكاب الجماعة الحوثية نحو 3 آلاف انتهاك طالت دور العبادة والمساجد بمختلف المحافظات منذ ثماني سنوات.
وأفاد التقرير الصادر عن الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، بتوثيق 3370 انتهاكاً طالت المساجد ودور العبادة في 14 محافظة يمنية ارتكبتها الجماعة خلال الفترة من 1 يناير (كانون الثاني) 2015 وحتى 30 أبريل (نيسان) 2022.
ووثقت الشبكة بتقريرها 109 حالات قتل لخطباء وأئمة مساجد ومصلين، منها 62 حالة قتل نتيجة الإطلاق المباشر، و17 حالة نتيجة القصف العشوائي و19 حالة نتيجة استخدام القوة المفرطة والضرب، و11 نتيجة الطعن، و132 حالة إصابة جسدية.
ولفت التقرير إلى توثيق 376 حالة اختطاف لأئمة وخطباء مساجد ومصلين قامت بها جماعة الحوثي، و52 حالة تعذيب جسدي ونفسي للأئمة والخطباء وبعض العاملين في المساجد، منها 6 حالات تعذيب حتى الموت في معتقلات الجماعة، حيث تصدرت صنعاء العاصمة وريفها القائمة من حيث الإنتهاكات.