المبادرة الأردنية في إعادة تأهيل نظام الأسد هل تنجح؟

0 58

يشهد الخارج الأردني حاليًا نشاطًا ملحوظًا في مجال السياسة، حيث تحاول الأطراف المعنية تحقيق اختراق سياسي ينهي الفتور مع النظام السوري. يهدف ذلك إلى وضع حد للقطيعة بين الدول العربية ودمشق وتقليل خطر انتشار العصابات المسلحة وتهريب الأسلحة والمخدرات. كما تتطلع الأردن إلى تصدير الطاقة الكهربائية إلى لبنان وسوريا، وتسعى للحصول على استثناءات من عقوبات قانون “قيصر” الأميركي بحق نظام الرئيس السوري بشار الأسد والمتعاونين معه. تلك الخطوات تأتي في ظل الأحداث الأخيرة، بما في ذلك التفجير الذي وقع في ميناء بيروت العام الماضي.

بسبب الحرب في أوكرانيا وتشابك المصالح التركية والروسية في المنطقة، وإعلان قرب استئناف العلاقات السعودية الإيرانية برعاية صينية، وتسارع وتيرة التقارب العربي مع دمشق، يرون مصادر سياسية أن هذه الأحداث خلقت بيئة مناسبة لنجاح المبادرة الأردنية لحل سياسي في سوريا. وفي هذا السياق، أعلن التلفزيون السعودي الرسمي أن المملكة تجري محادثات مع سوريا لاستئناف تقديم الخدمات القنصلية بين الطرفين، ويتطلع الأردن إلى تحقيق اختراق سياسي ينهي حالة الفتور مع النظام السوري ويضع حداً للقطيعة بين دمشق والدول العربية، وذلك من خلال تصدير الطاقة الكهربائية إلى لبنان وسوريا والحصول على استثناءات من عقوبات قانون “قيصر” الأميركي بحق نظام الرئيس السوري بشار الأسد والمتعاونين معه.

وكانت وكالة رويترز للأنباء نقلت عن مصادر -وصفتها بالمطلعة- قولها إن سوريا والسعودية اتفقتا على إعادة فتح سفارتيهما، بعد قطع العلاقات الدبلوماسية قبل أكثر من عقد.

أهداف الأردن

 لا يزال هناك غموض حول “المبادرة العربية للحل في سوريا” التي أعلنها وزير الخارجية الأردني في سبتمبر الماضي، ولا يعرف مدى دعمها من جهات دولية. ومع ذلك، تعززت التعاطي الغربي، خاصة الأميركي، مع النظام السوري بعد منحه استثناءات بعد الزلزال الذي ضرب شمالي سوريا وجنوبي تركيا الشهر الماضي.

وبالنسبة لمدير الأمن السابق الفريق المتقاعد حسين الحواتمة، فإن “التعايش مع النظام السوري الضعيف أفضل من بروز قيادة سورية غير ناضجة وبدء صراعات عربية-عربية، في وقت يعاني فيه الأردن من أزمة اقتصادية وجمود عملية السلام”.

أما المحلل السياسي عامر السبايلة، فيرى أن الأردن هو المتضرر الأكبر من الأزمة السورية، معبّرا عن تفهمه سعي الأردن الرسمي -بمختلف مستوياته- إلى حماية أمنه الداخلي، إذ تجاوز الضرر المحاور الاقتصادية والاجتماعية والديموغرافية، إلى الجريمة والمخدرات، فضلا عن التغيرات التي أصابت الأولويات الدولية، في ضوء حرب أوكرانيا، وإخفاق قمة الجزائر في إعادة سوريا إلى الجامعة العربية.

كماأشار السبايلة إلى أن الأردن يقود المبادرة بوصفه “شريكا جغرافيا لسوريا، ومتأثرا على كل المستويات؛ إقتصاديا وديموغرافيا وأمنيا، وحليفا للولايات المتحدة، ولديه تواجد عسكري أميركي، مما يمنحه فرصة عرض مخاوفه على الولايات المتحدة بوضوح ودون قيود”.

ولا يعتقد السبايلة أن الأردن يعرف ما الذي يستطيع تقديمه تحت عنوان “المبادرة العربية لحل سياسي في سوريا”، بل إنها أقرب لفكرة مجسات وبالونات اختبار، يستخدمها ليعرف مدى مرونة كل طرف، وقدرة السوريين على التنازل؛ فالصيغة النهائية غير واضحة، لا سيما أن النظام السوري يعتقد أنه بلا معارضة، أو للدقة “المعارضة فقدت زخمها واهتمامها الدولي، وبالتالي فإن النظام السوري ليس مضطرا لتقديم تنازلات”.

الموقف الأميركي
ولفت عامر السبايلة إلى أن أهم معوقات المبادرة تكمن فيما تراه العين الأميركية في سوريا، والتي تتركز على الوجود الروسي العسكري.

في موازاة ذلك، يفصل رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب خلدون حينا بين نجاح المبادرة العربية وضرورة توفر الدعم والإسناد الأميركي.

و يقول حينا إن “زيارة بشار الأسد لبعض الدول العربية دليل واضح على قدرة المبادرة على الحياة من دون الدعم الأميركي”، وهو ما يناقض قول السبايلة، الذي يجزم بأن “ما يحدد نجاح المبادرة من عدمه هو قوة الدعم الغربي والأميركي”.

ويتكتم خلدون حينا على بنود المبادرة وتفاصيلها، ويرجع ذلك إلى أهمية سرية التباحث بين الأطراف المعنية، متوقعا للمبادرة النجاح، وقبول ها من قبل النظام السوري فور إعلانها.

وفي هذا السياق، أبلغت مصادر سياسية  أن “من المبكر جدا الحكم على نجاح المبادرة من عدمه، لكن هناك تواصل عربي-عربي، على مختلف المستويات، أما دوليا فهناك أزمات أثرت سلبا على فرص التوافق الدولي في سوريا؛ مثل الملف النووي الإيراني والحرب الأوكرانية.

تباين المواقف الغربية من الحل السياسي في سوريا حتى اللحظة، وتشدد موقف الإتحاد الأوروبي من النظام السوري؛ يدفعان الدول العربية للتفكير في مصالحها بعيدا عن الإعتبارات الخارجية، حسب ما ترجحه المصادر.

وكان بشار الأسد زار سلطنة عُمان، في سلوك فُهِم أنه محاولة لفتح خطوط أميركية، لكن الزيارة لم تنجح على ما يبدو، حسب ما يقوله السبايلة، الذي يقرأ زيارة الأسد لروسيا، والحديث عن قواعد عسكرية روسية جديدة في سوريا؛ بمثابة الرد برسائل متعددة الاتجاهات.

والثلاثاء الماضي، أكدت الولايات المتحدة معارضتها تطبيع العلاقات مع بشار الأسد بعد أن أجرى زيارة -الأحد الماضي- هي الثانية له خلال سنتين إلى دولة الإمارات.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتيل -في تصريح للصحفيين- “لن نطبع العلاقات مع نظام الأسد”، مشددا على أن الإدارة الأميركية لا تشجع أحدا على هذا التطبيع في ظل غياب أي تقدم حقيقي نحو حل سياسي.

وتابع المتحدث الأميركي “نحض جميع المنخرطين مع دمشق على التفكير بصدق وتمعن في الكيفية التي يمكن أن يساعد بها انخراطهم في تلبية احتياجات السوريين أينما كانوا يعيشون”.

You might also like