خبراء ومختصون يرون أن الأزمة المصرفية الحالية التي بدأت في أميركا وامتدت إلى أوروبا ستؤثر على المنطقة العربية، وخاصة الدول التي تعاني من نقص في الدولار ومشاكل اقتصادية. يعتقد الأستاذ المساعد في الاقتصاد بجامعة قطر جلال قناص أن كثيرًا من الصناديق السيادية العربية والخليجية تتواجد في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا بحثًا عن الأرباح وتنويع الاقتصاد، ولكنها تواجه مخاطر كبيرة. بعد الانهيار المفاجئ لبنكي “سيليكون فالي” و”كريدي سويس”، انخفضت الأسهم في جميع دول الخليج وكذلك البورصة.
كما يشير الخبراء إلى أن الدول العربية التي تعاني من شح الدولار ومشاكل إقتصادية قد تتأثر بالأزمة المصرفية الحالية التي تمتد من أميركا إلى أوروبا. ولتفادي ذلك، يرى الخبراء أنه من الضروري التحول إلى الاستثمارات الحقيقية بدلاً من الاستثمارات التجارية والربحية القصيرة. وتوقع الخبراء أن تتأثر بعض الدول العربية بالأزمة المصرفية في الولايات المتحدة وأوروبا، خاصة مصر والسودان وتونس ولبنان، حيث ستعاني هذه الدول من ارتفاع أسعار الدولار والذهب، وارتفاع الأسعار عموما في مقابل انخفاض قيمة العملة الوطنية.
وفقًا لخبراء ومختصين تحدثوا في برنامج “سيناريوهات”، فإن دول الخليج تتمتع بقوة إقتصادية ومالية قوية، حيث تحتوي على احتياطيات ضخمة من النقد الأجنبي يمكن أن تنقذ أي بنك في حالة وقوع أزمة. ولكن، يتطلب التحول إلى الإستثمارات الحقيقية والإبتعاد عن الإستثمارات الربحية القصيرة، بالإضافة إلى الخروج من إطار النمط التقليدي للفوائد البنكية التقليدية في النظم الإسلامية وتوفير معايير أخرى للنمو الاقتصادي.
أسباب الأزمة المصرفية وانعكاساتها
من جهة أخرى، أرجع الأستاذ المساعد في الإقتصاد بجامعة قطر الأزمة المصرفية الحالية -وتحديدا الإفلاس المفاجئ لبنك “سيليكون فالي”- إلى الرقابة المالية ورفع سعر الفائدة، وقال إن هذه الأزمة المصرفية ستستمر ما دامت المسببات مستمرة.
وأكد أن أسباب الأزمة في “سيليكون فالي” -وهو بنك متخصص في تقديم قروض وتسهيلات للشركات الناشئة، خاصة في قطاع التكنولوجيا- تعود إلى أن البنك لم يكن تحت الرقابة المالية الشديدة، مبينا أن البنك المركزي الأميركي قام برفع أسعار الفائدة لمحاربة التضخم، وأثّر ذلك على عمل البنوك.
وما دامت البنوك المركزية -كما يضيف قنّاص- مستمرة في استهداف التضخم الذي له أسبابه دون التركيز على الإستقرار المالي فإن مشكلة البنوك ستستمر.
وما حدث في “سيليكون فالي” أن البنك الفدرالي الأميركي رفع أسعار الفائدة نحو 8 أضعاف منذ مارس/آذار 2022 لكبح جماح التضخم، وأصبح البنك مضطرا لدفع مبالغ أكبر للمودعين مقابل عوائد منخفضة من استثماراته. وما إن لاحت بوادر الأزمة حتى هرع المودعون لسحب ودائعهم في يوم واحد من البنك.
أما أستاذ الإقتصاد في كلية أوكلاند الأميركية، فرأى أن الأزمة المصرفية هي امتداد للأزمة المالية لعام 2008، ودرس للإدارة المالية داخل الولايات المتحدة، مؤكدا أن ما حدث في بنك “سيليكون فالي” يعود إلى السياسة التي اتبعها الرئيس السابق دونالد ترامب، حيث قدم تسهيلات للبنوك خارج الإطار التنظيمي، ولكن الكونغرس الأميركي بدأ يفرض اليوم إجراءات شديدة على البنوك.
وتوقع أن تكون للأزمة المصرفية تأثيرات على الإقتصاد العالمي، خاصة في حال ارتفعت أسعار الفائدة.
بدوره، أكد كبير الإقتصاديين في المجموعة المالية الدولية “إي إف جي بنك” ستيفان غيرلاخ في حديثه لبرنامج “سيناريوهات” أزمة البنوك المصرفية برفع البنوك المركزية أسعار الفائدة، ويرى أن مبعث القلق يرجع إلى أن الأمور تبدو جيدة، وفجأة تظهر مؤسسات أو بنوك مفلسة.
وقال إن السلطات السويسرية والمصرف الوطني السويسري تمكنا من السيطرة على الأزمة البنكية في الوقت الحالي والوضع بات مستقرا، ويجب الإنتظار ورؤية كيف ستتطور الأمور. وتوقع أن يكون الشهران المقبلان قلقين.
وكانت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد قالت إن التوترات الأخيرة التي تحيط بالقطاع المصرفي تطرح “مخاطر جديدة” تهدد الإقتصاد الأوروبي.