أرجع عدد من رجال الأعمال وخبراء السياحة الطفرةَ الأخيرة في أعداد زوار دولة قطر لعدة أسباب عملت الدوحة عليها منذ سنوات لتنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد كليا على الطاقة مصدرا رئيسيا للدخل القومي، موضحين أن البنية التحتية المتميزة وإنشاء المرافق السياحية المتنوعة يأتيان في مقدمة هذه الأسباب.
مجموعة من رجال الأعمال والعاملين في القطاع السياحي اعتبروا أن النجاح في تنظيم مونديال كأس العالم “فيفا قطر 2022” بشكل استثنائي كان بمثابة العامل الأكبر لوضع دولة قطر على خريطة السياحة العالمية، فضلا عن التسهيلات التي وفرتها الدوحة لسهولة الوصول للبلاد من خلال بطاقة “هيا”، التي تم تمديد صلاحية استخدامها حتى يناير/كانون الثاني 2024.
وأكدوا أن الطفرة التي شهدتها البلاد في أعداد الزوار تعد بمثابة حصاد لعمل استمر 12 عاما منذ فوز قطر باستضافة المونديال، متوقعين أن يشهد قطاع السياحة مزيدا من الانتعاش خلال السنوات المقبلة.
وكانت هيئة “قطر للسياحة” قد أعلنت في بيان لها خلال الأيام الماضية أن عدد زوار قطر، خلال شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط من العام الجاري، قد ارتفع بنسبة 347% على أساس سنوي إلى 730 ألف زائر قياسا بالفترة ذاتها من العام الماضي، مما يؤكد حفاظ الدوحة على الزخم السياحي الذي حققته من استضافتها بطولة كأس العالم.
وأضافت الهيئة أن قطر استهلت العام الجديد بتسجيلها 340 ألف زائر في يناير/كانون الثاني الماضي، محققة زيادة بنسبة 295% على أساس سنوي، و389 ألف زائر في فبراير/شباط 2023 بارتفاع قياسي بلغ 406% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، كما أظهرت البيانات أن شهر فبراير/شباط الماضي شهد أعلى عدد من الزوار الدوليين خلال السنوات العشر الماضية، باستثناء الشهر الذي تخللته منافسات كأس العالم، مما يجعله أكثر الشهور ازدحاما بالزوار لدى قطاع السياحة القطري.
حاملو بطاقة “هيا”
من جهته، أرجع الخبير السياحي وصاحب شركة سياحية عادل الهيل السبب الرئيسي في ارتفاع أعداد الزوار لدولة قطر إلى تمديد صلاحية بطاقة “هيا” حتى يناير/كانون الثاني من العام المقبل، إذ إن ما يقرب من 90% من الزوار هم من حاملي هذه البطاقة، وفقا لتعاملاته اليومية في حجز الفنادق والطيران مع الزوار، مشددا على أهمية العمل على التوسع في منح التأشيرات سواء للزيارة أو السياحة، وعدم الاقتصار على حاملي بطاقة “هيا”.
وأشار إلى أن قطر تعيش مرحلة قطف الثمار لعمل استمر لسنوات طويلة لتجهيز بنية تحتية متميزة تضم شبكة طرق على أعلى مستوى وخطوط المترو ومنشآت سياحية عديدة، وكان مسك الختام تنظيم استثنائي لحدث هو الأبرز عالميا وهو كأس العالم 2022، بصورة جعلت قطر محط أنظار العالم وفتحت الباب على مصراعيه للزوار من جميع الدول.
وأضاف الهيل أن الكثير من زوار كأس العالم استطاعوا التعرف على الثقافة العربية والإسلامية عن قرب، ووجدوا في قطر مقصدا سياحيا جديدا يمكن أن يلبي رغباتهم في السفر والاستمتاع.
وتؤكد “قطر للسياحة” أنها تسير وفق إستراتيجية محددة لعام 2030، تهدف إلى استقبال ما بين 6 و7 ملايين زائر سنويا، وزيادة فرص التشغيل التي يوفرها القطاع، والوصول بمساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 12%.
نوعية جديدة من الزوار
من جانبه، يقول رجل الأعمال أحمد الخلف، للجزيرة نت، إن السياحة تعدّ جزءا مهما ومؤثرا في الاقتصاد الوطني بدولة قطر التي نجحت في وضع اسمها على خريطة السياحة العالمية، وذلك بفضل سجلها الحافل بالأمن والأمان وتوفير شبكة مواصلات تتميز بالكفاءة، وامتلاكها مجموعة من الشواطئ والمعالم السياحية والمواقع التراثية، متوقعا تواصل إقبال السياح من جميع أنحاء العالم لتجربة المزيج الفريد الذي يجمع بين الأصالة والحداثة.
ولفت إلى أن قصة نجاح قطر في المونديال كان لها أبلغ الأثر في تشجيع نوعية جديدة من الزوار من دول أوروبا وأميركا اللاتينية وغيرها بعيدا عن زوار دول الجوار والمنطقة العربية فقط، كما كان هو المعتاد خلال سنوات مضت.
وأوضح الخلف أن لقطاع السياحة مردودا اقتصاديا كبيرا للدخل القومي؛ فزيادة عدد الزوار تنشط العمل والتشغيل في الكثير من المرافق والمنشآت بالدولة مثل الفنادق والمواصلات والأسواق والمطاعم والطيران.
وأضاف أن السياحة في بعض الدول، مثل إسبانيا وتركيا، تعدّ مصدرا رئيسيا للاقتصاد، وفي حال استمرار قطر على النهج الحالي من خلال التركيز على البنية التحتية السياحية، وتسهيل إجراءات الدخول والخروج، ستصل إلى مرحلة مهمة جدا بأن تكون السياحة أحد المصادر التي يعول عليها في الدخل القومي للبلاد.
12 عاما من العمل
يؤكد رجل الأعمال عبد الله الخاطر أن قطر عملت على مدى 12 عاما في الترويج لنفسها على الخريطة العالمية منذ أن فازت باستضافة كأس العالم، سواء من خلال استثماراتها في الخارج، أو التركيز على البناء في الداخل للوصول إلى النتيجة التي استطاعت أن تصل لها من خلال التنظيم الاستثنائي للبطولة.
ولفت إلى أن الدوحة، التي توّجت مؤخرا عاصمة للسياحة العربية لعام 2023، استطاعت أن تروج لنفسها خلال مونديال كأس العالم في كافة المجالات من خلال التنظيم والضيافة والأمن والأمان ونظافة المنشآت والشوارع، مما ترك انطباعا جيدا لدى جميع الزائرين خلال البطولة، وترك أثرا إيجابيا في نفوس المشجعين الذين نقلوا تجاربهم إلى عائلاتهم وأصدقائهم بعد العودة، وبالتالي كان الترويج لقطر على أفضل صورة.
وأوضح أن قطر عملت خلال الفترة الأخيرة على افتتاح العديد من المنشآت السياحية والترفيهية الكثيرة مثل جزيرة المها وجزيرة قطيفان وشاطئ راس بو عبود، بالإضافة إلى الإجراءات والتسهيلات التي وفرتها الدولة لدخول البلاد بصورة ميسرة من خلال بطاقة “هيا”، التي يمكن من خلالها استضافة 3 مرافقين آخرين، مما فتح المجال واسعا لمزيد من الزوار للدولة، وبالتالي مزيدا من الإنفاق الذي يصب في النهاية في زيادة الناتج المحلي للبلاد.