في ظل غليان الشارع الفلسطيني بسبب الممارسات العنيفة للجيش وأعمال القتل اليومية التي أدت إلى وفاة 88 شخصًا منذ بداية العام، أعلن “مكتب إعلام الأسرى” في رام الله أن الأسرى الذين ينفذون إجراءات العصيان المدني لمدة 33 يومًا قرروا التصعيد ضد سياسة مصلحة السجون الجديدة، حيث سيقومون بحرق بعض الغرف في كل سجن إسرائيلي.
ووفقاً للقرار، فإنه بدءاً من يوم أمس الجمعة، وحتى الأول من رمضان القريب الذي سيبدأ فيه إضراب عن الطعام، تحت عنوان «بركان الحرية أو الشهادة»، ستنفَّذ في السجون الإسرائيلية خطوات تصعيدية يومية، رداً على سياسات وزير الأمن القومي أيتمار بن غفير لتشديد الخناق عليهم والمساس بحقوقهم. ومن بين ذلك إحراق بعض الغرف وإغلاق الأقسام في السجون، وإجراء عمليات إرباك ليلي بالهتاف «حرية.. حرية».
وأوضح المكتب أنه تستمر إدارة مصلحة السجون في قمع الأسرى، حيث يقوم القوات القمعية بالإعتداء على غرفهم في مختلف السجون وتنفيذ عمليات تفتيش استفزازية واسعة، ويتعرض أي شخص يعترض أو يحتج للإعتداء. وتصل أخبار هذه الإعتداءات إلى الشارع الفلسطيني الملتهب بسبب الإقتحامات والإعتقالات واعتداءات المستوطنين وممارسات الجنود الفتاكة. وتتزايد الدعوات الفلسطينية لدعم وإسناد الأسرى ونصرتهم في جميع المجالات، على المستويين الشعبي والرسمي.
وفقًا للمعلومات المتاحة اليوم، فإن عدد الأسرى الفلسطينيين المحتجزين في سجون إسرائيل يصل إلى 4780، منهم 160 طفلاً و29 امرأة و914 معتقلًا إداريًا. ومنذ نهاية العام الماضي ومطلع العام الحالي، ازدادت عمليات القمع بشكل كبير من قبل إدارة السجون، خصوصًا بعد تعيين بن غفير وزيرًا مسؤولًا عن الشرطة ومصلحة السجون واتخاذه قرارًا بوقف الرفاهية للأسرى الإرهابيين. وتشمل هذه العقوبات إغلاق الكانتينات وحرمان الأسرى من ممارسة الرياضة الصباحية وقطع المياه الساخنة وتقليص فترة الإستحمام وسحب بلاطات التسخين وإغلاق المخابز في السجون. رغم محاولات الأسرى لتفنيد الإدعاءات بشأن الرفاهية، وإيضاح أنهم يعانون من ظروف صعبة وقاسية، لم تلقِ محاولاتهم أي استجابة من الإدارة. لهذا، قرر الأسرى البدء في خطوات نضالية تصاعدية وعصيان مدني سلمي، والتي بلغت ذروتها بإطلاق إضراب عن الطعام في أول أيام شهر رمضان الماضي.
وتلقى قضية الأسرى أكبر تضامن في الشارع الفلسطيني، إذ تُعدّ القضية الأكثر حساسية لهم. وقد صرّح عميد الأسرى فؤاد الشوبكي (83 عاماً)، الذي أُفرج عنه، الإثنين الماضي، بعد 17 عاماً من الأسر في سجون إسرائيل، بأن «أوضاع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية صعبة جداً، وما تمارسه إسرائيل من سياسات عليهم يجعلهم شهداء مع وقف التنفيذ». وقال إن «رسالتهم هي العمل على تحريرهم، فهم لا يريدون أن يموتوا في السجون، وهذا واجب على كل فلسطيني». ودعا الجميع إلى «إنهاء الإنقسام الفلسطيني، والتجمع تحت راية واحدة، وهدف واحد». وقال، خلال استقباله الزوار، داخل المستشفى الإستشاري في رام الله: «نعم، الوحدة.. الوحدة».
وكانت المناطق الفلسطينية قد شهدت مواجهات بين الشبان وقوات الجيش الإسرائيلي، في شتى مدن وقرى بالضفة والقدس الشرقية، بعد صلاة الجمعة، بعد أن أصرّ الجيش على تفريق المسيرات السلمية، وأصيب عدد من المواطنين بالإختناق والرصاص الذي أطلقته القوات الإسرائيلية تجاه المدنيين، وبرزت بينها الإعتداءات على مسيرة بيت دجن شرق نابلس (10 إصابات) وقرية كفر قدوم، شرق قلقيلية (8 إصابات بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، والعشرات بحالات اختناق، وبينهم صحفيون أجانب) ومفرق بلدة الرام شمال القدس، وبلدة اللبن الغربي غرب رام الله (3 إصابات) وفي بيت أمر شمال الخليل (3 إصابات بالرصاص الحي، وأخرى بالمعدني المغلف بالمطاط، والعشرات بالإختناق).
وفي جنين عمّ الإضراب الشامل، بعد سقوط الضحايا الـ4، الذين قُتلوا بهجوم إسرائيلي على المدينة، الخميس.