إسرائيل ،قوانين وممارسات عنصرية تجاه فلسطينيي 48

0 88

توضح البيانات التي قدمتها الوحدة الحكومية لتنسيق مكافحة العنصرية التابعة لوزارة القضاء الإسرائيلية بأن العنصرية تجاه العرب في الداخل والفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر متأصلة ومتجذرة في المجتمع الإسرائيلي، ومفاصل الحكومة وتشريعات الكنيست. ومن بين التشريعات العنصرية التي سنها الكنيست كان تمديد منع لم شمل العائلات الفلسطينية، وتمديد العمل بقانون الطوارئ، وقانون النكبة، وتقييد حرية التعبير، وقانون تمويل الجمعيات، وقانون التنظيم والبناء (كامينتس)، وقانون لجان القبول للبلدات اليهودية، وقانون القومية، وقانون يهودية الدولة. يتضح أن هذه التشريعات تعزز الهيمنة اليهودية في إسرائيل وتقيد حقوق الفلسطينيين وتفتقر إلى المساواة والعدالة الاجتماعية.

بحسب بيانات الوحدة الحكومية لتنسيق مكافحة العنصرية في وزارة القضاء، فقد تم فتح 415 قضية لشكاوى عن العنصرية في عام 2022، وتصدر المواطنين العرب من فلسطينيي 48 القائمة بنسبة 32% من الشكاوى، ويليهم المهاجرون الذين استقدموا من دول الاتحاد السوفياتي السابق بنسبة 18% من الشكاوى. وتظهر هذه الأرقام أن التمييز والعنصرية تجاه العرب في الداخل والفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر لا تزال متجذرة في المجتمع الإسرائيلي وتشريعات الكنيست، وتتطلب جهوداً حقيقية لمكافحتها والحد منها.

وكشفت البيانات أن 17% من الشكاوى من العنصرية وصلت من يهود من أصول إثيوبية، و5% من اليهود الحريديين، و5% من يهود من أصول شرقية، و15% من شرائح اجتماعية وفئات متنوعة غير مدرجة بالاسم.

ويوضح تقسيم الشكاوى حسب موضوع الدعوى والاستئناف أن 19% من الشكاوى تتعلق بالتمييز في تقديم الخدمات العامة، و12% حول التمييز في العمل، و11% حول التعبير العنصري في المجال العام، و9% حول الدعاية العنصرية النمطية في الأماكن العامة.

كما يظهر أن 6% من الشكاوى جاءت حول تعبيرات عنصرية في الخدمة المدنية، و7% حول جهاز الشرطة وسلطات إنفاذ القانون، و6% حول العنصرية في جهاز التعليم، و3% حول قضية الجرائم ذات الدوافع العنصرية، بينما 17% من الشكاوى لا تدخل في نطاق صلاحية عمل الوحدة الحكومية لتنسيق مكافحة العنصرية.

تمييز وعنصرية
ورجحت المحامية إيمي بلمور، المشرفة على التقرير والتي شغلت في السابق منصب المديرة العامة لوزارة القضاء الإسرائيلية، أن ارتفاع الشكاوى التي تتعلق بالتمييز والعنصرية من المواطنين العرب يعود إلى الحملة العسكرية “حارس الأسوار”.

وأوضحت في تحليلها للبيانات التي وردت في التقرير أن هبّة مايو/أيار (هبة الكرامة) أدت إلى الخوف لدى اليهود والعداء تجاه العرب، كما أن ارتفاع شكاوى التمييز والعنصرية قد يكون بسبب الحملات الانتخابية التي شهدت تحريضا على العرب.

وعلى الرغم من تنامي مظاهر التمييز والعنصرية وشرعنتها عبر عشرات القوانين، فإن المحامية بلمور رفضت الإقرار من خلال تحليلها للبيانات أن تكون إسرائيل دولة عنصرية قائلة “أعتقد أننا لسنا دولة عنصرية، لكننا في أزمة. لا أعتقد أن ما يحدث في البلاد هو عنصرية، إنه استقطاب”.

قناعات ومفاهيم
وتعليقا على ما ورد من بيانات وتحليلات صادرة عن الوحدة الحكومية لتنسيق مكافحة العنصرية، قال رئيس اللجنة الشعبية في اللد المحامي خالد زبارقة إن “نظرة إسرائيل إلى العرب نظرة عنصرية متأصلة في النفسية والعقلية الإسرائيلية، ويعود ذلك للقناعة المتجذرة لدى المجتمع اليهودي بتفوق العنصر اليهودي على العنصر العربي”.

وأوضح الزبارقة أن العنصرية متجذرة في مناحي الحياة كافة ومتأصلة في عشرات القوانين التي سُنّت خصيصا للتمييز والعنصرية تجاه العرب، وهو ما يعكس الشعور الدائم في إسرائيل بفوقية اليهود على العرب، وهذا أحد أهم مفاهيم الدولة اليهودية التي تريد أن تفرضها حكومة بنيامين نتنياهو على أرض الواقع.

وأشار إلى أن التمييز العنصري ممارس وممنهج وينطلق من قناعات نظرة اليهود إلى أنفسهم على أنهم أعلى وفوق الآخرين، وهذا ما كرسته المؤسسة الإسرائيلية من خلال تشريع عشرات القوانين العنصرية في مختلف مناحي الحياة، ولعل القانون الأهم الذي شُرّع لتكريس مبدأ يهودية الدولة هو قانون أساس “يهودية دولة إسرائيل” في عام 2018.
الفوقية والدونية
ويعتقد زبارقة أن هذه القوانين مهدت لتكريس اليهودية الفوقية أمام الدونية العربية، قائلا إنهم “لا يكتفون أن اليهودي فوقي على العربي، بل يريدون إجبار العربي على الشعور والقبول بالدونية أمام اليهودي. وعلى هذا الأساس فإن معالم ومظاهر العنصرية في تصاعد مستمر، شعبيا وجماهيريا ورسميا”.

وبيّن رئيس اللجنة الشعبية في اللد أن هذه العنصرية المتأصلة في الذهنية الإسرائيلية ومقاليد الحكم ومختلف المؤسسات تهدف إلى ضمان أكثرية يهودية في فلسطين التاريخية، لتكون أقوى ومؤثرة أمام أقلية عربية فلسطينية مبعثرة، ومفككة، وهامشية، ومشتتة، تعيش على هامش المجتمع.

واستشهد زبارقة بنشر العنف والجريمة في المجتمع الفلسطيني، مشيرا إلى أن ذلك من آليات التمييز والعنصرية لتفكيك المجتمع العربي الفلسطيني بالداخل، مقابل تكريس الرموز اليهودية وتهويد الحيز العام، وطمس الرموز القومية، والوطنية، والدينية للعرب والفلسطينيين.

ثقافة ونهج
ويتفق رئيس حركة “حرية” لمناهضة العنصرية والاحتلال المحامي سامح عراقي مع هذا الطرح، ويؤكد أن الحكومة الإسرائيلية الحالية تتجه نحو تصعيد غير مسبوق تجاه الفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر، وتحويل التمييز والعنصرية إلى ثقافة دارجة ضد فلسطينيي 48 على وجه التحديد.

وأوضح عراقي أن التمييز والعنصرية وجه آخر للاحتلال، بحيث إن مظاهر العنصرية باتت سائدة في مختلف مناحي الحياة وتعكس معركة وجودية للشعب الفلسطيني وصراع هوية لفلسطينيي 48 داخل الخط الأخضر.

وأشار إلى أن أبرز مجالات ومحطات التمييز والعنصرية، سواء من المجتمع الإسرائيلي والحكومة والمؤسسات الإسرائيلية، تتعلق بقضية الأرض والمسكن، وتصعيد وتيرة الهدم للعرب، وإسكات الأذان، ومصادرة الأراضي، وطمس الهوية والرموز العربية وفرض هوية أخرى مزورة.

هبّة الكرامة وحوارة
ويعتقد عراقي أن أخطر ما في مسلسل التمييز العنصري ما تقوم به عصابات المستوطنين من تنفيذ اعتداءات إرهابية على الفلسطينيين في كل مكان، مستذكرا ما حدث في حوارة، وإرهاب المستوطنين لفلسطينيي 48 خلال هبة الكرامة، عبر تكريس دونية الفلسطيني وهو ما يؤكد الذهنية الاحتلالية المسيطرة لدى شرائح واسعة من المجتمع الإسرائيلي.

وأوضح أن العلاقة بين مختلف مؤسسات الإسرائيليين والفلسطينيين بالداخل في حالة توتر متصاعدة منذ الانتفاضة الثانية في عام 2000، وأنها أخذت منحى خطيرا عقب هبة الكرامة في مايو/أيار 2021 إذ تمادت عصابات المستوطنين بالاعتداء على فلسطينيي 48، وملاحقة سكان المدن الساحلية وتضييق الحيز العام عليهم بهدف دفعهم إلى الهجرة القسرية.

You might also like