كشف جاريد كوشنر ، صهر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ومستشاره الأول ، أن خطة السلام الخاصة بالشرق الاوسط لعام 2020 ، وهي التي عُرفت ب ” صفقة القرن ” ، شهدت حالة من الفوضى في تسريب المعلومات تقاطعت فيها الأجندات الشخصية للمسؤولين الامريكييين بقدر ما لعب فيها المزاج الشخصي لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو دورا ملتبسا، لتنتهي الصفقة بالفشل وبالطيّ عندما وافق نتنياهو في النهاية على تعليق خطط الضم الخاصة بالضفة الغربية وغور الاردن مقابل تطبيع العلاقات مع الإمارات ، وهو الاتفاق الذي توسط فيه كوشنر وإدارة ترامب.
يشار الى ان صفقة القرن اندرجت في الحيثيات الراهنة للشرق الاوسط بأنها التحدي الوجودي الأخطر الذي كان استهدف الاردن والسلطة الوطنية الفلسطينية .
في كتابه الذي سيصدر في الثالث والعشرين من الشهر الحالي بعنوان” “خرق التاريخ” “Breaking History: A White House Memoir,” ، عرض كوشنر تفاصيل من الدور الغامض الذي لعبه السفير الأمريكي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان عندما تبرع بابلاغ نتنياهو أن إدارة ترامب ستدعم خططًا لضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية، وهو ما فُهم في حينه بأنه أجندة خاصة بين فريدمان ونتنياهو لم يكن يعرف بها كوشنر أو ترامب
كما يكشف كوشنر أنه عندما قرر ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها في عام 2017، كان رد فعل رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو فاترا بشكل واضح كاد أن يفسد الخطة الخاصة بالقدس.
البداية من خطاب نتنياهو في البيت الاربيض
في النسخة المُسرّبة من الكتاب ، يتذكر كوشنر كيف استشاط غضبا عندما استخدم نتنياهو خطابه في البيت الأبيض في يناير 2020 ،الذي كشف النقاب عن خطة ترامب للسلام، ليعلن أن نرامب أصبح أول زعيم عالمي يعترف بسيادة إسرائيل على جزء كبير من الضفة الغربية ونتيجة لذلك ستتجه إسرائيل لضم جميع مستوطنات الضفة الغربية وغور الأردن.
وفي التفاصيل التي عممت صورة سياسية هددت اساسيات حل الدولتين بانعكاسات غامضة على دول الجوار وفي مقدمتها الاردن، فقد قيل في حينه انه على مدى السنوات الأربع المقبلة على الأقل ، ستحافظ إسرائيل على الوضع الراهن “في المناطق التي لا تعتبرها الخطة جزءًا من إسرائيل في المستقبل ،” حسبما قال نتنياهو لرئيس الولايات المتحدة.
“إسرائيل ستحافظ على إمكانية السلام”. ثم أضاف نتنياهو “في الوقت نفسه ، ستطبق إسرائيل قوانينها على غور الأردن ، وعلى جميع التجمعات اليهودية في يهودا والسامرة وعلى مناطق أخرى تعتبرها خطتك جزءًا من إسرائيل والتي وافقت عليها الولايات المتحدة. الاعتراف كجزء من إسرائيل “.
يقول كوشنر في مذكراته: “لم يكن هذا ما تفاوضنا عليه”. ويضيف”بموجب خطتنا ، كنا سنعترف في النهاية بسيادة إسرائيل على المناطق المتفق عليها إذا اتخذت إسرائيل خطوات لتعزيز الدولة الفلسطينية داخل الأراضي التي حددناها” ، كما يوضح ، وأصر على أن موافقة الولايات المتحدة على الضم الإسرائيلي ستستغرق وقتًا وليست نتيجة مفروضة .
ويستذكر كوشنر كيف انه عندما كان يستمع لنتنياهو في خطابه بالبيت الابيض””أمسك بالكرسي بقوة لدرجة أن مفاصله تحولت إلى اللون الأبيض ، كما لو أن قبضته يمكن أن تجعل نتنياهو يتوقف عن الكلام”.
يقول :” طلبتُ صراحةً من السفير الإسرائيلي في الولايات المتحدة رون ديرمر أن يتأكد من أن بيبي( نتنياهو) أبقى ملاحظاته موجزة وفوق السياسة السائدة اليوم . من حيث النبرة والمضمون ، كان الخطاب بعيدًا عن الواقع. لم يكن يحتوي على أي شيء انساني أو تصالحي تجاه الفلسطينيين. لقد كان في الأساس خطابًا انتخابيًا لجمهوره السياسي المحلي ، وقد أساء تفسير خطتنا “.
وبعدخطاب نتنياهو عبّر كوشنر في حسابه على تويتر عن قلقه من أن تعهد الضم من شأنه أن يقضي على جهوده لحشد الدعم لخطة السلام التي كانت ستعرض الدول العربية ، التي أرسل ثلاثة منها سفراء إلى حفل إزاحة الستار.
وفي عرضه للتجاوزات التي حصلت في طرح نتنياهو ، يعرض كوشنر انه
خلافًا للإدارات الأمريكية السابقة ، فقد كانت خطة ترامب تتضمن إنشاء دولة فلسطينية شبه متصلة في حوالي 70٪ من الضفة الغربية ، مع عدد قليل من الأحياء في القدس الشرقية ، ومعظم غزة وبعض مناطق جنوب إسرائيل . وكل ذلك في مقابل اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل كدولة يهودية ، مع نزع سلاح حماس والجماعات المسلحة الأخرى في قطاع غزة ، والوفاء بشروط أخرى.
كما سمحت الخطة لإسرائيل بضم كل مستوطناتها في نهاية المطاف ، ومنح الدولة اليهودية السيادة على وادي الأردن والسيطرة الأمنية على غرب نهر الأردن ؛ وممنع اللاجئين الفلسطينيين من الاستقرار في إسرائيل.
يقول كوشنر:”كنت أطلع الدول العربية على اقتراح السلام وأعطيتهم كلمتي بأن الرئيس ترامب سيقدم اقتراحًا سخيا ومتوازنًا – اقتراحًا يتطلب تنازلات من كلا الجانبين. لكن هذه بالتأكيد لم تكن الصفقة التي كان نتنياهو يتكلم عنها” .
مضيفا “لو سارت عملية الطرح وفقا للخطة ، لكانت ستضع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في موقف مستحيل. فالرد بقسوة على اقتراح ذي مصداقية من شأنه أن يزيد من نفوره بينما يفضح خواء موقفه. لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي أعطى عباس بالضبط نوع المبرر الذي يحتاجه لرفض خطتنا “.
وأثناء عودتنا انا والرئيس إلى المكتب البيضاوي بعد الحفل ، أخبرني ترامب بخيبة أمل واضحة. قال لي “بيبي ألقى خطابًا في حملته الانتخابية. أشعر بقذارة “..
ويكشف كوشنر انه اتضح فيما بعد ،بأن السفير ديفيد فريدمان كان وعد نتنياهو أنه سيقنع البيت الأبيض بدعم الضم على الفور.
وأضاف كوشنر ” سفيرنا في اسرائيل لم ينقل هذا لي أو لأي شخص في فريقي. بل
ذهب فريدمان إلى أبعد من ذلك بعد الحفل ، قائلاً للصحفيين إن إسرائيل “لا يتعين عليها الانتظار على الإطلاق” بشأن الضم وأن العامل المحدد الوحيد هو “الوقت الذي يستغرقونه للحصول على الموافقات الداخلية”.
وتكشف مذكرات كوشنر أنه واجه بعد ذلك فريدمان ، الذي أصر على أنه مثّل اقتراح ترامب بدقة. مضيفا”اشتدت محادثتنا ، وسحبت الخطة من المجلد الموجود على مكتبي.”
سألته “أين يقول ترامب هذا الأمرهنا؟” “لا يوجد شئ يقول ذلك هنا . أنت من أفضل المحامين في العالم. أنت تعلم أن هذا ليس ما اتفقنا عليه “.
وكتب كوشنر أن فريدمان رد باقتراح أن يبقى هو وكوشنر “غامضين والسماح لبيبي بقول ما يريد” ، حتى يتمكنوا من رؤية كيف ستسير الأمور.
ويضيف : لذلك اضطرنا في الادارة ان لا نتحدث في الموضوع كله مع أي شخص من خارج إسرائيل واكتفينا بالتعامل مع تداعيات الفوضى التي حصلت
وعرض كوشنر كيف انتهى الوضع ب” صفقة القرن ” بأن وافق نتنياهو في النهاية على تعليق خطط الضم الخاصة بالضفة والغور والمستوطنات ، مقابل تطبيع العلاقات مع الإمارات – اتفاق توسط فيه كوشنر وإدارة ترامب.
موضوع القدس
وفي موقع آخر من مذكراته، يتعلق بموضوع اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لاسرائيل ، يروي كوشنر أنه في مكالمة هاتفية قبل الإعلان الرسمي، أبلغ ترامب نتنياهو بهذه الخطوة، لكن نتنياهو رد ببساطة: “إذا اخترت القيام بذلك، فسأدعمك”. وكتب كوشنر أن ترامب المرتبك، الذي توقع رد فعل أكثر حماسة، كرر نفسه، وهو ما رد عليه نتنياهو مرة أخرى “بحماس أقل من المتوقع”.
وأضاف كوشنر، “بدأ ترامب في إعادة التفكير بقراره… تساءل بصوت عال عن سبب خوضه لهذه المخاطرة إذا كان رئيس الوزراء الإسرائيلي لا يعتقد أنها مهمة”، وقال كوشنر أن ترامب قال لنتنياهو : “بيبي، أعتقد أنك المشكلة. وقد ”.
رد نتنياهو بهدوء” موضحا أنه جزء من الحل. ومع ذلك، كتب كوشنر أنه كان بإمكانه أن يرى أن ترامب كان “محبطا” بشكل واضح.
ولم يذكر كوشنر السبب في الطريقة التي رد بها نتنياهو على ترامب