مع اجتياحه مدينة تدمر عام 2015، عمد تنظيم داعش إلى طمس الهوية التاريخية والثقافية للمدينة عبر تدمير آثارها الكبيرة، وسرقة الكثير منها لتهريبها وبيعها، وفي محاولة من الفنان علي صالح الطه ابن المدينة البار بتاريخها، والذي عمل لسنوات طويلة رفقة والده في ترميم آثارها، للمحافظة على الصورة البصرية للمدينة، وتعريف الأجيال القادمة بما احتوته من كنوز، فإنه يعمل على تصميم نموذج متكامل يحاكي أقسام المدينة الأثرية بكاملها، من قوس النصر إلى معبد بل والمدرج الروماني إلى شارع الأعمدة. وأتاحت سنوات العمل الطويلة في الترميم للفنان أن يحفظ التفاصيل الدقيقة للآثار، ويجسدها في النموذج الذي سبق وصنع مثله في السابق واستغرق منه 11عاما، قبل أن يدمره القصف الذي طال البشر والحجر في المدينة. فقد خسر الفنان علي أيضا أربعة من أبنائه. ما اضطره للنزوح خارج المدينة التي أحبها. ويسعى الفنان علي في محاولته الجديدة لإعادة صنع نموذج متكامل ودقيق يحول جميع المعالم الأثرية في تدمر، ولكن في ظل ضعف الأوضاع المادية فإنه يواجه صعوبات جمة، تتعلق بتوفير المواد الأولية الضرورية لذلك، أو المعدات التي بقوم أحيانا باختراع بعضها بنفسه في محاولة لتحقيق المنجز الجديد، كما أن صحته لا تسعفه على العمل لساعات طويلة ومع ذلك فإنه مر بفترات وصل فيها الليل بالنهار لتحقيق حلمه بصناعة تدمر جديدة يكحل عينه برؤيتها ولو كانت مجسما صغيرا.