قرر الرئيس الفلسطيني محمود عباس في ساعة متأخرة الليلة الماضية تأجيل الانتخابات البرلمانية المزمعة وسط خلاف على التصويت في القدس الشرقية التي ضمتها إسرائيل وانشقاقات في حركة فتح التي يتزعمها.
وأنحى عباس (85 عاماً) باللوم على إسرائيل في الغموض بشأن ما إذا كانت ستسمح بإجراء الانتخابات التشريعية في القدس وكذلك في الضفة الغربية المحتلة وغزة.
وجاء القرار بعد ثلاثة أشهر من إعلانه إجراء أول انتخابات عامة منذ 15 عاماً فيما اعتبر على نطاق واسع رداً على انتقادات للشرعية الديمقراطية للمؤسسات الفلسطينية بما في ذلك رئاسته.
وقد تمثل نتيجة الانتخابات مكاسب لحماس التي تسيطر على غزة. وتعتبر إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حماس، المنافس المحلي الرئيسي لعباس، جماعة إرهابية لكنها خاضت حملة جيدة التنظيم لهزيمة فتح المنقسمة في 2006.
وكان الخلاف على القدس السبب الرئيسي الذي أشار إليه عباس في كلمة ألقاها في ساعة متأخرة من يوم الخميس عقب اجتماع الفصائل السياسية الفلسطينية.
وقال عباس “أمام هذا الوضع الصعب قررنا تأجيل موعد إجراء الانتخابات التشريعية لحين ضمان مشاركة القدس وأهلها في هذه الانتخابات، فلا تنازل عن القدس ولا تنازل عن حق شعبنا في القدس في ممارسة حقها الديمقراطي”.
وكان من المقرر إجراء الانتخابات البرلمانية في مايو (أيار) ومن المرجح أن يثير تأجيلها انتقادات داخلية شديدة مع إظهار استطلاعات تراجع عباس وحلفائه خلف منافسين من من حركة فتح المنقسمة وحركة حماس الإسلامية.
ولم يتضح على الفور ما إذا كان أول انتخابات رئاسية تجري منذ 2005 والمقرر إجراؤها في يوليو (تموز) ستمضي قدماً.
وقالت لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية إنها علقت العملية الانتخابية بعد قرار عباس. وكان من المفترض أن تبدأ الحملة الانتخابية يوم الجمعة.
وتجمع محتجون في غزة ومدينة رام الله بالضفة الغربية قبل إعلان عباس مطالبين بإجراء الانتخابات في موعدها المقرر . قال المتحدث باسم حماس سامي ابو زهري لرويترز “نرفض قرار تأجيل الانتخابات والذي يخالف الاجماع الوطني، وحركة فتح تتحمل مسؤولية التداعيات عن هذا الموقف”
وكان عباس قد لمح إلى هذا التأجيل منذ أسابيع من خلال إعلانه أن إسرائيل لم توافق على السماح لفلسطينيي القدس الشرقية بالتصويت في المدينة.
وقال متحدث باسم مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في وقت سابق من هذا الأسبوع إنه لم يصدر إعلان رسمي من إسرائيل بشأن ما إذا كان سيسمح للفلسطينيين بالتصويت في القدس – كما حدث خلال الانتخابات الأخيرة في 2006 – وقال مسؤولون إسرائيليون يوم الخميس إنه لم يكن هناك تغيير.
لكن فلسطينيين كثيرين يعتبرون قضية القدس ذريعة لتجنب الانتخابات التي قد تخسرها فتح المنقسمة لصالح حماس.
ظهرت الانقسامات الداخلية في حركة فتح التي يتزعمها عباس عندما أعلن زعيم فتح المسجون مروان البرغوثي وناصر القدوة – ابن شقيق مؤسس الحزب الراحل ياسر عرفات – قائمة منافسة من المرشحين لخوض الانتخابات ضد التشكيلة الرسمية لعباس.
ومع ذلك كانت الاستعدادات للانتخابات جارية حيث تم تسجيل آلاف الناخبين الجدد وثلاثين قائمة حزبية.
وقال المحلل بقطاع غزة طلال عوكل إن التأجيل سيسبب خيبة أمل كبيرة لدى الفلسطينيين الذين يأمل معظمهم بأن يكون الوقت قد حان لإنهاء الانقسامات وإحداث التغيير. ويتولى عباس السلطة منذ 2005 ويحكم بمرسوم منذ أكثر من عقد.
ويُنظر على توقيت إعلانه الخاص بالانتخابات على أنه يهدف إلى إصلاح العلاقات مع الرئيس الأمريكي جو بايدن بعد أن تدهورت في عهد سلفه دونالد ترامب.
لكن محللين يقولون إنه مع تراجع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني على قائمة أولويات بايدن تفضل واشنطن تجنب الانتخابات التي قد تقوي حماس وتثير غضب إسرائيل في الوقت الذي يمضي فيه المسؤولون الأمريكيون قدما بشأن المحادثات النووية مع إيران.
وقال شبلي تلحمي من معهد بروكينجز إن إسرائيل أوضحت أنها تفضل تأجيل الانتخابات خشية أن تقوض هذه الانتخابات تنسيقها مع قوات الأمن التابعة لعباس في الضفة الغربية.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس يوم الخميس “إن إجراء انتخابات ديمقراطية مسألة يقررها الشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية”.