مسبار الأمل يبدأ سلسلة مهامه العلمية لرصد الغلاف الجوي للمريخ للمرة الأولى
شكل وصول مسبار الأمل إلى المريخ بداية لسلسلة من المهام العلمية غير المسبوقة ، وفق ما أكدت أكدت معالي سارة بنت يوسف الأميري وزيرة دولة للتكنولوجيا المتقدمة، رئيسة مجلس إدارة وكالة الإمارات للفضاء.
وبينت الأميري، خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده فريق مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ “مسبار الأمل” أن المسبار سيقدم صورة متكاملة للغلاف الجوي للمريخ للمرة الأولى في تاريخ البشرية، وتضع بياناتها في خدمة المجتمع العلمي العالمي.
وأضاء المؤتمر، على المراحل التالية التي سيمر بها المسبار طوال مهمته في استكشاف الكوكب الأحمر على مدار سنة مريخية كاملة تعادل 687 يوماً بالتقويم الأرضي.
وقالت الأميري، “نبارك لكل من في دولة الإمارات ولكل الشعوب العربية هذا الإنجاز التاريخي الذي كان نتاج عمل سبع سنوات تقريباً ضمن برنامج متكامل لنقل المعرفة. فالنهج المبتكر الذي اتبعته دولة الإمارات تكلل بالنجاح وشكل إضافة نوعية إلى قطاع استكشاف الفضاء في العالم.”
وأوضحت، إن وصول مسبار الأمل إلى مدار الالتقاط يوم 9 شباط/ فبراير 2021 كان السيناريو الأمثل الذي تطلع إليه فريق عمل المسبار على مدى سنوات من التخطيط والتصميم والابتكار والاختبار ووفر منهجية جديدة لدخول المهام الفضائية مدار كوكب المريخ.
وعن الكوادر الإماراتية التي أنجزت المهمة المريخية العربية الأولى، كشفت الأميري، إن الفريق العلمي تم تطويره من كوادر إماراتية بالتعاون مع شركاء المعرفة، عملوا في أبحاث متميزة في الفضاء الخارجي تركز بشكل أساسي على المريخ، وهم جاهزون اليوم لبدء تلقي البيانات العلمية وتحليلها وتوفيرها في متناول المجتمع العلمي العالمي.
وأشادت الأميري، بالفريق الهندسي الذي صمم نظام الدفع العكسي المبتكر الذي طورته كفاءات إماراتية وعمل لمدة 27 دقيقة متواصلة، مؤكدة أن خبرات الكوادر الإماراتية في قطاع الفضاء تبلورت بفعل مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ.
وقالت الأميري، إن المراحل التالية لمهمة مسبار الأمل التاريخية ذات الأهداف العلمية غير المسبوقة في تاريخ البشرية، ستزود المجتمع العلمي العالمي ببيانات شاملة عن الغلاف الجوي للكوكب الأحمر وأسباب تغير مناخه.
وعن الفريق العلمي لمسبار الأمل الذي عملت على إنجازه أكدت الأميري ، أن عقول وسواعد إماراتية بالتعاون مع شركاء المعرفة لديه الجاهزية الكاملة لتلقي وتحليل البيانات العلمية الجديدة التي سيجمعها على مدار سنة مريخية كاملة.
وبينت الأميري، أن الكفاءات والكوادر الشابة التي يضمها فريق عمل مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ لديها القدرات والإمكانات لبناء قاعدة بيانات علمية متكاملة تكون بمثابة منصة عالمية مشتركة لنقل المعرفة ومشاركة المعطيات العلمية الحيوية.
وأكدت الأميري ، أن المشروع سيشارك أهم المعلومات والبيانات العلمية التي يتلقاها مع المؤسسات العلمية والبحثية حول العالم، تماشياً مع استراتيجيتها الرامية لتعزيز التعاون الدولي والشراكات الاستراتيجية في قطاع استكشاف الفضاء والعلوم والتكنولوجيا المرتبطة به من أجل مستقبل الإنسان.
ولفتت الأميري، إلى أهمية النظام الحراري الذي طوره مهندسو مسبار الأمل ليتكيف مع البيئات الحرارية المتغيرة جداً طوال رحلته في الفضاء، إضافة إلى تطوير الأجهزة العلمية المتقدمة على متن المسبار، والتي شكلت جميعها ابتكارات جديدة نوعية، مشيدة أيضاً بكفاءة الفريق الاستراتيجي الذي ساهم في توسيع الأثر العلمي والمعرفي لمشروع الإمارات لاستكشاف المريخ ووصوله إلى أكبر شريحة ممكنة من المهتمين محلياً ودولياً.
وكشفت سارة الأميري، أن البيانات ستتم مشاركتها مع المجتمع العلمي العالمي ابتداء من سبتمبر 2021 دون مقابل من أجل تعزيز المعرفة البشرية.
وعن أهمية المهمة للمجتمع العلمي الإماراتي، أوضحت الأميري، إن الجامعات المحلية ستستفيد من مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ لتمكين المزيد من الكفاءات الإماراتية الشابة في قطاعات الفضاء.
وقالت الأميري، أنه سيتم إضافة أسئلة جديدة يمكن لمهمة مسبار الأمل الإجابة عليها تبعاً لحالة المسبار الفنية وأجهزته في تلك الفترة الزمنية.
وأوضحت الأميري، أن الخطوة التالية بعد مسبار الأمل هي تطوير قطاع فضائي تنافسي في دولة الإمارات بما يسهم في تحقيق الاقتصاد المتنوع القائم على المعرفة والابتكار والتكنولوجيا المتقدمة، مؤكدة أن معظم أعضاء فريق عمل المسبار من الكوادر الإمارتية هم من خريجي جامعات الإمارات.
وختمت الأميري، بأن أثر مهمة مسبار الأمل لا يقدر بثمن لمستقبل دولة الإمارات وطموحها للخمسين عاماً القادمة بأجيالها من كل الفئات العمرية، لتؤكد الشعار الذي ترفعه لا شيء مستحيل.
متابعة مليونية
وتابع الملايين في دولة الإمارات والوطن العربي والعالم يوم 9 فبراير 2021 اللحظات التاريخية لدخول مسبار الأمل إلى مدار الالتقاط حول كوكب المريخ بعد قطعه مسافة 493 مليون كيلومتر في الفضاء، عبر نقل مباشر من محطات التلفزيون ومواقع الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، في مقدمة لبدء مهامه العلمية وجمع بيانات جديدة سيتم مشاركتها مجاناً مع المجتمع العلمي والمهتمين بالفضاء من الجامعات ومراكز الأبحاث حول العالم.
وتتضمن المرحلة التالية من رحلة مسبار الأمل الانتقال من مدار الالتقاط حول المريخ إلى مدار علمي مناسب حول الكوكب الأحمر حتى يتمكن من أداء مهامه العلمية المخطط لها. على ارتفاع 1000 كيلومتر فوق سطح المريخ وعلى بعد 49,380 كيلومتر منه.
ومن الضروري أن يكون المدار العلمي بيضاوي الشكل لنجاح المهمة، فيما تستغرق مدة الدورة الواحدة حول الكوكب الأحمر حوالي 40 ساعة في هذه المرحلة ما قبل الأخيرة من رحلة المسبار.
ومع تمكن “مسبار الأمل” من تخطي هذه التحديات بنجاح يقوم بأخذ الصورة الأولى للمريخ عبر أجهزته العلمية، خلال وجوده في مدار الالتقاط.
الخطوات التالية
وقال مدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ “مسبار الأمل”، المهندس عمران شرف، “أن مسبار الأمل بصحة تامة. وقد أدى مهامه على أكمل وجه لدخول مدار الالتقاط حول كوكب المريخ.”
وأكد شرف، أن دولة الإمارات لم تبدأ من الصفر، بل من حيث انتهى الآخرون، وتعلمت من تجاربهم، وفيما ينظر البعض إلى المهام الفضائية كسباق، نظرت دولة الإمارات إلى المهمة كتعاون علمي، وتعاونت مع شركاء المعرفة كفريق واحدة تحت هوية واحدة هي هوية “مسبار الأمل”، وهو ما مكّن المسبار خلال عملية تطوير المسبار من إجراء أكثر من 100 عملية اختبار للتصميم، وأكثر من 100 ألف عملية محاكاة لكافة سيناريوهات مرحلة الالتقاط خلال السنتين الماضيتين، حتى تبسيط التصميم إلى أفضل نموذج ممكن حتى تاريخه.
وأضاف: “تتابع المحطة الأرضية بمركز محمد بن راشد للفضاء بمنطقة الخوانيج في دبي، حركة المسبار أولاً بأول لمواصلة مهامه التالية، حيث تمت جدولة الاتصال اليومي مع المحطة الأرضية والذي يمكّن فريق العمل من إجراء عمليات تحميل سلسلة الأوامر وبيانات العمليات المختلفة بشكل منظم.”
وأكد شرف أن الأجهزة العلمية المتطورة الثلاث على متن مسبار الأمل تمت برمجتها لجمع مختلف المعلومات والبيانات عن طبقات الغلاف الجوي للمريخ ومن ثم إرسالها إلى الفريق العلمي للمشروع لتحليلها ودراستها، قائلاً: “تمت إعادة فحص واختبار جميع الأجهزة الفرعية الموجودة على متن المسبار قبل الانتقال إلى المرحلة العلمية التي سيتم خلالها إجراء أول اتصال مع المسبار.”
وقال عمران شرف إن الفريق نجح في تخطي أخطر مرحلة في رحلة مسبار الأمل مؤكداً أن الهدف الاستراتيجي من المشروع هو تمكين الشباب الإماراتي وخلق بيئة تحفز البحث والتطوير، قائلاً: “هذا المشروع مشروع لمستقبل دولة الإمارات، وحالياً يتم التواصل مع المسبار على مدار 24 ساعة.”
وأكد شرف أن المشروع كان تحدياً لفريق عمل المشروع ليكون جاهزاً لكل الاحتمالات، فكرّس ثقافة العزيمة والإصرار والإنجاز محلياً وعربياً، مشدداً أن الجميع في دولة الإمارات كان فخوراً بمهمة مسبار الأمل ومستعداً لأي نتيجة يحققها.
وفصّل المهندس شرف المرحلة الأصعب التي سبقت دخول مسبار الأمل مدار الالتقاط، قائلاً إنها كانت الساعة الأصعب، قائلاً إن ثلاثة فرق كانت تعمل معاً بتنسيق كامل في غرفة العمليات وهي فريق التحكم الذي يتأكد من تنفيذ المسبار للأوامر، والفريق الهندسي الذي قام بتصميم المسبار والذي يعالج البيانات التي تصل من المسبار ويتأكد من صحته، وفريق العمليات والملاحة الذي يضع الخطط والعمليات للمسبار للأيام المقبلة،
وأضاف أن الجميع كان مستعداً وكان هناك فريق رابع احتياطي لدعم الفرق الثلاثة في غرفة عمليات المسبار بمركز محمد بن راشد للفضاء بالخوانيج في دبي، وأن فريق المسبار قام بالتقييم الأولي ثم الثاني والثالث لتنتهي العملية عند الساعة الثامنة وثمان دقائق مساء بتوقيت الإمارات، تلاها إعلان وصول المسبار إلى مدار الالتقاط بنجاح.
وقال المهندس شرف إن المرحلة التالية الآن هي الانتقال من المدار الأولي إلى المدار العلمي والتي تستمر لشهرين تقريباً للتأكد من صحة كافة الأجهزة لمعايرة المعطيات فيها إذا اقتضى الأمر، يلي ذلك تعديل المسار بشكل طفيف إذا احتاج الأمر لدخول المسبار مداره العلمي.
ولفت المهندس شرف إلى أن المرحلة الأصعب مرت والعملية الآن أسهل إلى حد بعيد نظراً لوجود المسبار ضمن منطقة جاذبية كوكب المريخ.
وقال المهندس شرف إن مهمة مسبار الأمل استفادت من الهوائيات والمختبرات المتوفرة في مركز محمد بن راشد للفضاء وحول العالم، بما خفض كلفة المشروع بشكل كبير وسرّع إنجازه في وقت قياسي.
وأضاف عمران أن الدبلوماسية العلمية ودبلوماسية الفضاء من أبرز آفاق وفرص التعاون المستقبلي التي أرساها مشروع مسبار الأمل.
وعن شعوره لدى وصول المهمة المريخية العربية الأولى إلى الكوكب الأحمر، قال شرف: “لحظة الوصول إلى المدار بنجاح كانت صدمة إيجابية. ونريد أن تكون هناك مساهمة إماراتية بالبيانات العلمية التي يجمعها مسبار الأمل في إرسال الإنسان إلى كوكب المريخ حتى لو كان ذلك الهدف بعيد المدى.”
وختم عمران بأن حضور صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وسمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم إلى مركز محمد بن راشد للفضاء في أصعب مراحل مشروع الأمل، وبثه بشكل حي بكل شفافية يؤكد نهج النجاح والنموذج المتميز الذي تعتمده دولة الإمارات ومدى قرب القيادة من شعب الإمارات وتطلعاته في الدولة الكبيرة بطموحها الذي لا يعرف المستحيل.
الإعلام شريك
وأشادت سارة الأميري والمهندس عمران شرف، بالجهود المتميزة لوسائل الإعلام المحلية والإقليمية والدولية المتواجدة في دولة الإمارات لمواكبتها حدث وصول مشروع مسبار الأمل إلى كوكب المريخ باحترافية عالية وزخم غير مسبوق على مستوى المنطقة لهذا النوع من المهام العلمية.
المرحلة الأخيرة
وبعد اكتمال مرحلة المدار العلمي يبدأ مسبار الأمل المرحلة السادسة والأخيرة وهي المرحلة العلمية، وخلالها يتخذ “مسبار الأمل” مداراً بيضاوياً حول المريخ على ارتفاع يتراوح ما بين 20,000 إلى 43,000 كيلومتر، ويستغرق فيها المسبار 55 ساعة لإتمام دورة كاملة حول المريخ.
رصد شامل
وسترصد الأجهزة المتطورة التي يحملها مسبار الأمل خلال المرحلة العلمية كل ما يتعلق بكيفية تغير طقس المريخ على مدار اليوم، وبين فصول السنة المريخية، بالإضافة إلى دراسة أسباب تلاشي غازي الهيدروجين و الأوكسجين من الطبقة العليا للغلاف الجوي للمريخ، والتي تشكل الوحدات الأساسية لتشكيل جزئيات الماء، وكذلك تقصي العلاقة بين طبقات الغلاف الجوي السفلى والعليا، ومراقبة الظواهر الجوية، مثل العواصف الغبارية، وتغيرات درجات الحرارة، فضلاً عن تنوّع أنماط المناخ تبعاً لتضاريسه المتنوعة.
نجاح
ونجح المسبار في تجاوز الكثير من التحديات غير المسبوقة على المستويات اللوجستية والعلمية والتشغيلية، كان أخطرها مرحلة دخول مدار الالتقاط التي تمت بنجاح مساء يوم الثلاثاء 9 فبراير 2021 بعد عملية الإبطاء الدقيقة لسرعة “مسبار الأمل” باستخدام محركات الدفع العكسي لمدة 27 دقيقة من 121,000 كم/ساعة إلى 18,000 كم/ساعة سمحت بدخوله بأمان إلى مدار الالتقاط، وأفسحت المجال للمرحلتين التاليتين المتمثلتين بدخول المسبار مداره العلمي حول المريخ وبدء مهامهم العلمية التي تتواصل لعام مريخي كامل.
الأوائل
ومع وصول مسبار الأمل إلى مدار المريخ، أصبحت الإمارات خامس دولة في العالم تحقق هذا الإنجاز التاريخي، وألهمت الملايين من أجيال النشء والشباب للتخصص في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وسجلت حزمة أرقام قياسية عالمية في قطاع استكشاف الفضاء، لتنضم إلى نادي الدول التي تثري المعرفة البشرية في علوم الفضاء.