يرى محللون أن خيارات حماس في ما يتعلق بضم إسرائيل لأجزاء من الضفة الغربية ستكون”صعبة”، لكنها متوازنة وبراغماتية، وبعيدة عن أي مواجهة عسكرية جديدة مع الدولة العبرية، رغم إعلان الحركة أخيرا أن مخطط الضمّ هو “إعلان حرب”.
في الأسابيع الماضية، نظمّت حماس في قطاع غزة تظاهرات بشكل يومي تقريبًا للتعبير عن رفضها للخطة الأميركية للشرق الأوسط.
وتسمح الخطة بشكل خاص لإسرائيل بضم مستوطنات الضفة الغربية ومنطقة غور الأردن، وهي أراض فلسطينية تحتلها إسرائيل منذ عام 1967 وتقع على بعد حوالى خمسين كيلومترا من غزة. كما تنص على إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح عاصمتها في ضواحي القدس الشرقية، بينما تكون القدس الموحدة عاصمة إسرائيل.
وحدّدت إسرائيل الأول من تموز/يوليو موعدا لتعلن اعتبارا منه آلية تنفيذ خطة الضمّ.
وقال الناطق باسم كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أبو عبيدة الخميس إن قرار الضمّ “إعلان حربٍ” على الشعب الفلسطيني.
وتوعد ب”جعل العدو يعضّ أصابع الندم على هذا القرار الآثم”.
وكان نائب رئيس حركة حماس في القطاع خليل الحية قال من جهته “لقد آن لغزة اليوم أن يتحرك سلاحها”.
وعبّر الحية عن أمله في “ألا تقف السلطة الفلسطينية عائقاً أمام المقاومة، سواء الشعبية أو المسلحة في الضفة”، داعيا الى “إطلاق ثورة عارمة وخطة وطنية قوية تجبر دولة الاحتلال للتراجع عن خططها”.
– أكثر براغماتية –
لكن محللين يرون أن الخيارات على الأرض ستكون أكثر براغماتية.
ويقول الخبير في الشؤون الإسرائيلية عدنان أبو عامر “لا شك أن خيارات حماس صعبة باعتبار أن أي رد فعل للضم قد تكون له تداعيات قاسية على قطاع غزة” الذي تسيطر عليه الحركة منذ أربعة عشر عاما.
ويضيف “تبذل حماس خطوات مضنية لتنفيذ هجمات عسكرية في الضفة الغربية تحت ستار مواجهة الضم مع حرصها على تحييد غزة” .
ورغم تفاهمات التهدئة التي تم تجديدها بوساطة مصر في 2018 ، تشهد حدود القطاع تبادلا لإطلاق النار من وقت لآخر تستخدم فيها صواريخ أو بالونات حارقة من غزة، وغارات جوية وقصف من جانب إسرائيل.
ويرى المحلل السياسي مخيمر أبو سعدة أن غزة “قد تشهد توترا على الحدود مثل إطلاق بالونات حارقة ومتفجرة”، لكنه يستبعد “أي شكل عسكري للمواجهة”.
ويضيف أن حماس “لا تريد أن تدفع غزة الثمن، لذا فهي تريد الانتظار والترقب وتنظيم تظاهرات شعبية، لكنها لن تبادر لفتح مواجهة مع اسرائيل”.
وتجري حماس مشاورات مع الفصائل الأخرى، وفق مسؤول في الحركة، “لأجل تنسيق مقاومة الضم بكل أشكالها، واستئناف مسيرات العودة” التي انطلقت في آذار/مارس 2018 قرب السياج الحدودي للقطاع مع إسرائيل، للمطالبة برفع الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ 2006 وتثبيت حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة الى البلدات التي هجروا منها قبل سبعين عاما. وتوقفت المسيرات قبل أشهر بسبب جائحة كوفيد-19.
وبحسب أستاذ السياسة والإعلام في الجامعة الإسلامية بغزة عدنان أبو عامر، تتجه حماس لانتهاج سياسة “أكثر واقعية وبراغماتية بعيدا عن الردود الانفعالية”.
ويضيف “ستبدو حماس أكثر هدوءا، وقد تغض الطرف عن إطلاق بعض الفصائل صاروخا أو التحرش بالقوات الإسرائيلية على الحدود دون أن تسمح بجلب رد فعل إسرائيلي كبير”.
ودعا القيادي البارز في حماس صلاح البردويل في منتصف حزيران/يونيو إلى الوحدة الفلسطينية. وقال “ندعو شعبنا إلى تحويل هذه المحنة إلى فرصة لإعادة المشروع الفلسطيني إلى مساره”.
لكن أبو عامر يعتبر أن أي تنسيق بين حماس والسلطة الفلسطينية “أصبح مستحيلا في ظل عدم الثقة”.
وجرت محاولات مصالحة بين حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس وحماس خلال الأشهر الماضية لم تسفر عن نتيجة.
والحركتان على خلاف منذ سيطرة حماس على قطاع غزة وطرد حركة فتح منه في العام 2007.
ويشير ابو عامر الى أن السلطة الفلسطينية “تمارس يوميا عمليات اعتقال وملاحقة نشطاء حماس في الضفة”.
ولا يستبعد أستاذ العلوم السياسية في غزة جمال الفاضي أن “تبقى حماس صامتة ضمنا، (…)، باعتبار أن رد الفعل على الضم يتعلق بالضفة”.
ويتخوّف أبو سعدة، وهو أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، من “أن تتوصل حماس الى صفقة تبادل أسرى كجزء من صفقة أكبر لإنهاء الحصار عن غزة، في خضم الإعلان عن الضم”، قائلا “هذا يعني تحييد غزة”.
وتجري مفاوضات غير مباشرة بين حماس وإسرائيل عبر الوسيط المصري لإنجاز صفقة تبادل أسرى وجثث بينهما. وتقول حماس إنها تأسر أربعة إسرائيليين بينهم جنديان تعتقد إسرائيل أنهما قتلا خلال حرب 2014.