سيطر الانفصاليون في جنوب اليمن على جزيرة سقطرى المصنّفة موقعا تراثيا من قبل الامم المتحدة بعد طرد قوات الحكومة منها، في خطوة تعمّق خسائر السلطة المعترف بها دوليا التي تعاني في حربها مع المتمردين شمالا.
وتقع سقطرى، وهي مركز أرخبيل يحمل الاسم ذاته، عند المدخل الشرقي لخليج عدن على بعد نحو 350 كلم من اليابسة جنوب البلد الفقير، قرب ممر تجاري رئيسي للسفن المحمّلة بالنفط والبضائع.
وكانت سقطرى بعيدة عن الحرب المتواصلة منذ ست سنوات بين المتمردين الحوثيين والسلطة المعترف بها، لكنّها تحوّلت في السنوات الأخيرة إلى محطة نزاع وصراع داخل المعسكر المناهض للحوثيين.
وتدور الحرب في اليمن بشكل رئيسي بين المتمردين الحوثيين المقرّبين من إيران، وقوات أخرى تقودها المجموعات المؤيدة للحكومة بدعم من تحالف عسكري تقوده السعودية، منذ سيطر الحوثيون على مناطق واسعة قبل نحو ست سنوات لا تزال غالبيتها في أيديهم وبينها العاصمة صنعاء.
لكن ثمة خلافات عميقة في المعسكر المعادي للحوثيين. فالقوات التي يفترض أنّها موالية للحكومة في الجنوب حيث تتمرّكز السلطة، تضم فصائل مؤيدة للانفصال عن الشمال بقيادة “المجلس الانتقالي الجنوبي”. وكان الجنوب دولة مستقلة قبل الوحدة سنة 1990
وكان المجلس الانتقالي وهو أقوى الجماعات الانفصالية في الجنوب، أعلن في نيسان/ابريل “إدارة ذاتية” في الجنوب بعدما هاجم القوات الحكومية في تعثر لاتفاق تقاسم للسلطة تم توقيعه مع الحكومة السعودية.
ويعمّق النزاع في سقطرى الخلاف بين الجانبين.
و”هنّأ” المجلس الانتقالي في بيان “أبناء محافظة أرخبيل سقطرى على عودة حاضرة سقطرى وعاصمتها حديبو إلى وضعها الطبيعي واستعادة مسارها الصحيح كعاصمة مدنية وقبلة للتعايش والتآلف وتماسك نسيجها الاجتماعي”.
وقال عضو المجلس الانتقالي الجنوبي سالم ثابت “سيطرنا على معسكر القوات الخاصة آخر معاقل ومعسكرات مليشيات الإخوان المسلمين في حديبو (مركز الجزيرة) وعلى كافة الأسلحة والأطقم والمعدات العسكرية التابعة لمليشيات الإخوان”.
وأكّد أن القوات الجنوبية “أعلنت العفو العام والبدء بتنفيذ الإدارة الذاتية لمحافظة سقطرى”.
– خذلان وانقلاب –
يتّهم المجلس الانتقالي السلطة المعترف بها بالتقرب من جماعة الاخوان المسلمين المحظورة في عدة دول عربية، من بينها الإمارات العضو في التحالف العسكري والتي لطالما اعتُبرت الداعم الرئيسي لقوات الانفصاليين الجنوبيين.
وفي 2018، أرسلت الإمارات قوات إلى سقطرى ما أثار غضب الحكومة على اعتبار أن لا وجود للمتمردين الحوثيين فيها، قبل ان تنسحب القوات وتحل مكانها أخرى سعودية.
وبدأ المجلس الانتقالي الجنوبي الجمعة عمليّته العسكرية للسيطرة على سقطرى وتمكّن من اسقاط المقرّات الامنية والمعسكرات واستحداث نقاط تفتيش في مداخل مدينة حديبو العاصمة قبل السيطرة تماما على الجزيرة التي يسكنها نحو 180 ألف نسمة مساء السبت.
وقال محافظ سقطرى رمزي محروس في بيان إنّ “الميليشيات على مدى أسابيع الماضية هاجمت معسكرات ومؤسسات الدولة وأسقطتها ثم اجتاحت صباح الجمعة مدينة حديبوه عاصمة المحافظة”.
وتابع “تعرّضنا ومعنا أهالي سقطرى لخذلان وصمت مريب ممن ننتظر منهم النصرة والمؤازرة والوقوف معنا”، من دون أن توضيحات إضافية.
ولم يعلن التحالف العسكري بقيادة السعودية عن عمليات في سقطرى كما انه لم يعلّق على التطورات فيها.
من جهتها، رأت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا على لسان مسؤول لم تسمه أنّ “ما أقدمت عليه مليشيات ما يسمى بالمجلس الانتقالي في ارخبيل سقطرى انقلاب مكتمل الأركان قوّض مؤسسات الدولة في المحافظة”، حسبما جاء في بيان نشرته وكالة الأنباء الحكومية.
وقال المصدر إن المجلس الانتقالي “بهذا السلوك، قدم من الأدلة والبراهين ما يكفي لاثبات أنه مجرد مليشيات متمردة تقوم باستنساخ خطوات التمرد الحوثي، وتنفيذها بحذافيرها في بعض المحافظات الجنوبية”.
كما دعا المصدر التحالف بقيادة السعودية “إلى إلزام ما يسمى المجلس الانتقالي بايقاف العبث والفوضى والاعتداء التي تقوم بها مليشياته وتنفيذ بنود” اتفاق تقاسم السلطة.